ومثله "ثم استوى إلى السماء وهى دخان" وقد قال قبله "قل ائنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض في يومين وقال "والأرض بعد ذلك دحاها" ثم يكون ثم استوى على الإخبار، ويكون الدحو بعد، وخلق الأرض قبل خلق السماء، وقبل في قوله تعالى "ثم تول عنهم فانظر" فليس التولي الانصراف، وإنما معناه، تنح عنهم بعد إلقاء الكتاب إليهم بحيث يكونون عنك بمرأى ومسمع، فانظر ماذا يردون من جواب الكتاب وقيل في قوله تعالى "والأرض بعد ذلك دحاها" أي مع ذلك كما قال "عتل بعد ذلك زنيم أي مع ذلك وعكسه قوله تعالى "إن مع العسر" أي بعد العسر وأما قوله تعالى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى" أي ثم دام وثبت على الاهتداء وهذا كقوله تعالى "ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين والمعنى في ذلك الدوام على الإيمان والعمل الصالح، لأن الإيمان الذي يحظر النفس والمال قد تقدم فيما ذكر في قوله تعالى "ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات" فقال بعد "إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا" ومما يبين أن المعنى فيه ما ذكرت قوله تعالى "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة" وفي الأخرى "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" والمعنى اتبعوا التوحيد ثم داموا عليه وأقاموا فاستقام مثل أقام، كاستحاب وأجاب وقال أبو الحسن في قوله تعالى "ثم تاب عليهم ليتوبوا" إن ثم زيادة، والمعنى على ما قال لأن المعنى حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت تاب عليهم ليتوبوا فجواب الجزاء، إن لم يقدر ثم زيادة، غير مذكور فإن قال قائل إن ثم زيادة في قوله "ثم اهتدى" كما قال أبو الحسن في الآية الأخرى، فإنه يكون اهتدى بعد تقدير زيادة ثم على تقديرين أحدهما "وإنى لغفار لمن تاب وآمن وعمل عمل صالحاً" إنساناً مهتدياً، ويكون حالا