والسادس : ما يتبع المقسم به من التنبيه على كون المقسم به دليلاً للعقلاء. كما قال تعالى :(والفجر * وليال عشر * والشفع والوتر* والليل إذا يسر * هل في ذلك قسم لذي حجر).
فهذه الجملة الأخيرة مثل ما تجد كثيراً في القرآن بعد ذكر الدلائل كما جاء في سورة النحل :( إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) أو كما جاء في سورة طه :(إن في ذلك لآيات لأولي النهى) أو كما جاء في سورة آل عمران :( إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار) وهذا كثير. فهكذا هاهنا بعد ذكر الأقسام نبه على كونها دلائل لذي عقل وبصيرة.
ويشبه ذلك ما جاء من التنبيه بعد القسم في سورة الواقعة حيث قال:( فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم) أي إن فيها دلالة عظيمة وشهادة كبيرة. فصرح بعظمة القسم لا بعظمة المقسم به.
والسابع : ما ترى في ذكر المقسم به على صفة خاصة تشير إلى جهة الاستدلال. كقوله تعالى :(والنجم إذا هوى) وقوله تعالى:(فلا أقسم بالخنس * الجوار الكنس) وقوله تعالى:(والصافات صفا * فالزاجرات زجرا * فالتاليات ذكرا) وقوله تعالى:(والذاريات ذرواً * فالحاملات وقرا* فالجاريات يسرا * فالمقسمات أمرا) وقوله تعالى :( ولا أقسم بالنفس اللوامة) وغيرها.
فهوي الثريا، وخنوس النجوم، وصف الملائكة، وذرو الرياح، وتقسيمها الأمور، وملامة النفس أقرب إلى الاستدلال منها إلى التعظيم.
والثامن : ما يسبق المقسم به من صريح ذكر الآيات الدالة، ثم يعبر عن المقسم به على وجه يشير إلى تلك الآيات، كأنه مهد من قبل لما أريد من وجه الاستدلال. وهذا مما يهتز له المتدبر في نظم القرآن.
ويتضح ذلك بالمثال. قال تعالى في سورة الذاريات :(وفي الأرض آيات للموقنين * وفي أنفسكم أفلا تبصرون* وفي السماء رزقكم وما توعدون).


الصفحة التالية
Icon