( دخل رجل مبتدع على ابن سيرين بيته فقال : أقرأُ عليك آية من كتاب الله لا أزيد أن أقرأها ثم أخرج ؟ فوضع ابن سيرين إصبعيه فى أذنيه ثم قال : أعزم عليك إن كنت مسلمًا إلا خرجت من بيتى. فقال الرجل : لا أزيد على أن أقرأ (آية) ثم أخرج. فتهيأ ابن سيرين للقيام " فقال الجالسون للرجل : قد عزم عليك إلا خرجت، أفيحل لك أن تخرج رجلا من بيته؟ فخرج الرجل.
فقالوا لابن سيرين بعد خروج الرجل : يا أبا بكر ما عليك لو قرأ آية ثم خرج ؟ قال ابن سيرين : إنى والله لو ظننت أن قلبى يثبت على ماهو عليه ما باليت أن يقرأ، ولكنى خفت أن يلقى فى قلبى شيئًا أجهد فى إخراجه من قلبى فلا أستطيع.
( عن حميد الأعرج قال : قدم غيلان (مبتدع) مكة يجاور بها، فأتى غيلان مجاهدًا ( إمام فى عصره ) فقال : يا أبا الحجاج ؛ بلغنى أنك تنهى الناس عنى وتذكرنى، وأنه بلغك عنى شئ لا أقوله ؟ إنما أقول كذا، فجاء بشئ لا ينكر، فلما قام قال مجاهد : لا تجالسوه فإنه قدرى. قال حميد (الراوى) : فإنى بما كنت ذات يوم فى الطواف لحقنى غيلان من خلفى يجذب ردائى، فالتفتُ فقال: كيف يقول مجاهد خرفًا كذا وكذا فأخبرته، فمشى معى، فبصر بى مجاهد معه، فأتيته فجعلت أكلمه فلا يرد على، وأسأله فلا يجيبنى – فقال – فغدوت إليه فوجدته على تلك الحال، فقلت: يا أبا الحجاج ! أبلغك عنى شئ ؟ ما أحدثت حدثًا، مالى! قال : ألم أرك مع غيلان وقد نهيتكم أن تكلموه أو تجالسوه ؟ قال: قلت: يا أبا الحجاج ما أنكرت قولك، وما بدأته، وهو بدأنى. قال، والله يا حميد لولا أنك عندى مصدق ما نظرت لى فى وجه منبسط ما عشت، ولئن عدتَ لا تنظر لى فى وجه منبسط ما عشت.