فالرسول عليه الصلاة والسلام مطالب بالبلاغ والبيان، لكن ما هو البلاغ الذي طولب به الرسول صلى الله عليه وسلم؟
إن البلاغ النبوي للقرآن الكريم يشتمل على الأمور الآتية:
أولاً: بلاغ الألفاظ:
والمقصود به بلاغ النبي ﷺ لألفاظ القرآن الكريم كما نزلت، وكما بلغه جبريل إياها، دون زيادة أو نقص.
يقول الله عز وجل في سورة آل عمران: (لَقَد مَنَّ الله عَلَى المُؤمِنِينَ إِذ بَعَثَ فِيهِم رَسُولاً مِن أَنفُسِهِم يَتلُو عَلَيهِم آيَاتِهِ) [آل عمران: ١٦٤]، فالبلاغ النبوي لألفاظ القرآن الكريم هو المقصود بقوله تعالى: (يَتلُو عَلَيهِم آيَاتِهِ).
وقد كان النبي ﷺ شديد الحرص على بلاغ ألفاظ القرآن الكريم، حتى إن ابن عباس رضي الله عنهما يقول -كما في الحديث المتفق عليه-: "كان رسول الله ﷺ يعالج من التنزيل شدة، وكان يحرك شفتيه"، "فأنزل الله عز وجل: (لا تُحَرِّك بِهِ لِسَانَكَ لِتَعجَلَ بِهِ. إِنَّ عَلَينَا جَمعَهُ وَقُرآنَهُ) [القيامة: ١٦، ١٧]، قال: جَمعه في صدرك ثم تقرؤه، (فَإِذَا قَرَأنَاهُ فَاتَّبِع قُرآنَهُ) [القيامة: ١٨]، قال: فاستمع له وأنصت، ثم إن علينا أن تقرأه، قال: فكان رسول الله ﷺ إذا أتاه جبريل عليه السلام استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبي ﷺ كما أقرأه"(١).
وهذا البيان اللفظي جزء من البلاغ الذي أُمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن الرسول ﷺ بلَّغ ألفاظ القرآن الكريم بلاغًا تامًّا، ولم يكتم شيئًا مما أُنزل عليه.

(١) ٣٥)... أخرجه البخاري (٧٥٢٤)، ومسلم (٤٤٨)، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.


الصفحة التالية
Icon