فأبو جهل وأبو لهب يفهمون معانيها في اللغة العربية، لكن كثيرًا من المنتسبين إلى الإسلام في هذا العصر ومنذ عصور يقولون: لا إله إلا الله، ولا يفهمون منها حتى المعنى الذي فهمه أبو جهل وأبو لهب. يفهم كثير من المسلمين معنى لا إله إلا الله أي لا خالق إلا الله، لا رازق إلا الله. وهذا جزء من معناها، لكن المعنى الأصلي الذي أنكره المشركون هو إفراد الله في العبادة.
فالصحابة كانوا عربًا أقحاحاً، يفهمون معاني الكلام؛ ولذلك فهموا كثيرًا من القرآن الكريم بمجرد تلاوة الرسول ﷺ له، كما أن العربي اليوم يفهم بالسليقة من القرآن الكريم أشياء كثيرة لا يحتاج معها إلى الرجوع إلى كتب التفسير.
فأنت -مثلاً- إذا سمعتَ كلام الله تعالى عن الجنة، عن النار، عن الرسل، عن القرآن الكريم، عن المواريث... فهمت معناها مباشرة بمجرد سماعها، والصحابة رضي الله عنهم كانوا يفهمون أيضًا وراء ذلك أشياء كثيرة.
أسباب اختلاف الصحابة في فهم القرآن الكريم:
إن الصحابة الكرام كانوا أكثر الناس فهمًا لكتاب الله عز وجل، ومع ذلك فإنهم كانوا يتفاوتون في فهمهم للقرآن الكريم لأسباب كثيرة؛ ولذلك كانوا يسألون الرسول ﷺ عن أشياء من القرآن مما يحتاجون إلى بيانه، فيبينه لهم، ومن أسباب اختلافهم - رضي الله عنهم - في فهمهم للكتاب العزيز:
أولاً: تفاوتهم في مداركهم وعقولهم:
فإن الله تعالى قسَّم بين الخلق أرزاقهم وأخلاقهم وعقولهم؛ فهذا عقله كبير عبقري نابغة، وآخر دون ذلك.
وأصحاب النبي ﷺ كانوا يشتركون في قدر من العلم بالقرآن، إلا أن بعضهم كان يفوق بعضًا في ذلك.


الصفحة التالية
Icon