ولذلك جاء في تفسير الطبري وغيره: أن عمر بن الخطاب قرأ قول الله تعالى: (ثُمَّ شَقَقنَا الأرضَ شَقًّا. فَأَنبَتنَا فِيهَا حَبًّا. وَعِنَبًا وَقَضبًا. وَزَيتُونًا وَنَخلاً. وَحَدَائِقَ غُلبًا. وَفَاكِهَةً وَأَبًّا) [عبس: ٢٦-٣١]، فقال: "قد عرفنا الفاكهة، فما الأبّ؟"، ثم رجع إلى نفسه وقال: "والله إن هذا لهو التكَلُّف ياعمر!"(١).
فما كان يعرف الأبّ، أي نوع من أنواع النباتات هو؟(٢).
وفي رواية: أن أبا بكر رضي الله عنه سئل عن هذه الآية، فقال: "أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إن قلت في كتاب الله تعالى ما لا أعلم؟"(٣).
فكانوا يتفاوتون في فهمهم للغة العربية، كما كانوا يتفاوتون في فهمهم لمراد الله تعالى بالآية.
وهذا عدي بن حاتم رضي الله عنه لمَّا سمع قول الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأسوَدِ مِنَ الفَجرِ) [البقرة: ١٨٧]، فهم أن الخيط هو الحبل المعروف، فلمَّا نام وضع تحت وسادته حبلين: أحدهما أبيض والآخر أسود، فلما قام لكي يتسحر وضع الخيطين بجواره، وصار يأكل وينظر حتى أسفر، وصار يعرف الأبيض من الأسود.
فلمَّا أصبح غدا إلى الرسول ﷺ وأخبره بالخبر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار"(٤)
(٢) ٤٥)... الأب: هو ما تأكله البهائم من العشب والنبات. انظر: تفسير الطبري (٣٠/٥٩).
(٣) ٤٦)... أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠١٠٣)، والخطيب البغدادي في الجامع لآداب الراوي وأخلاق السامع (٢/١٩٣).
(٤) ٤٧)... أخرجه البخاري (١٩١٦)، ومسلم (١٠٩٠)، من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه.
وأخرجه البخاري (١٩١٧)، ومسلم (١٠٩١)، من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه بدون ذكر اسم عدي رضي الله عنه، ولفظ الحديث: "كان الرجل يأخذ خيطًا أبيض وخيطًا أسود".