ج- أيضًا قوله ﷺ يوم الأحزاب: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارًا"(١)، والحديث نفسه جاء في صحيح مسلم عن ابن مسعود(٢)، فكأن الحديث تفسير للصلاة الوسطى الواردة في قوله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الوُسطَى) [البقرة: ٢٣٨].
وفي القرآن الكريم آية تدل على هذا وهي قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَستَأذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَت أَيمَانُكُم وَالَّذِينَ لَم يَبلُغُوا الحُلُمَ مِنكُم ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبلِ صَلاةِ الفَجرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعدِ صَلاةِ العِشَاءِ) [النور: ٥٨].
ويمكن أن يستأنس بهذه الآية على أن الرسول ﷺ فهم أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر من القرآن الكريم، فهذه الآية تدل على أن الأوقات تبتدئ بالفجر وتنتهي بالعشاء... إذًا يكون الوقت الأوسط هو العصر، وقبله الفجر والظهر، وبعده المغرب والعشاء، فقد بدأ الله تعالى بقوله: (قَبلِ صَلاةِ الفَجرِ)، وانتهى بقوله: (وَمِن بَعدِ صَلاةِ العِشَاءِ)، فأول الأوقات هو الفجر وآخرها العشاء.
ولذلك كان مسلك بعض الفقهاء وكثير من المحدِّثين في ذكر المواقيت في كتب الفقه، أن يبدأوا بميقات صلاة الفجر، ثم الظهر، ثم العصر، ثم المغرب، ثم العشاء.
د - ومنه أن بني سلمة -وهم حي من الأنصار- أرادوا أن يتحولوا بمنازلهم قرب مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم، فلمَّا علم بذلك النبى صلى الله عليه وسلم، قال: "يا بني سلمة، دياركم تكتب آثاركم"(٣)، يعني: الزموا دياركم وابقوا فيها.
(٢) ٦٤)... أخرجه مسلم (٦٢٨) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(٣) ٦٥)... أخرجه مسلم (٦٦٥) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.