فَذَكَرَهُ (١).
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَاهُ يُونُسُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُوَيْدٍ.
وَهَذَا كَمَا عَلَّلَهُ الْبُخَارِيُّ. وَهَذَا الْإِسْنَادُ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ مِنْ مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رِجَالُهُ ثقاتٌ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ (٢) ثُمَّ قَدْ رُوي مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ مَعْمَر، بَلْ وَالزُّهْرِيِّ قَالَ (٣) الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ (٤) الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرَيد عَمْرو بْنُ يَزِيدَ الْجَرْمِيُّ (٥) أَخْبَرَنَا سَيْفُ بْنُ عُبَيد (٦) حَدَّثَنَا سَرَّار بْنُ مُجَشَّر، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ وَسَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ كَانَ عِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمَ وأسلَمْنَ مَعَهُ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا. هَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ. قَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ: تَفَرَّدَ بِهِ سَرَّارُ بنُ مُجَشر وَهُوَ ثِقَةٌ، وَكَذَا وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ السَّمَيْدع بْنُ وَاهِبٍ (٧) عَنْ سَرَّارٍ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِّينَا مِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ أَوِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ، وَعُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ، وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ -يَعْنِي حَدِيثَ غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ (٨).
فوجهُ الدَّلَالَةِ أنَّه لَوْ كَانَ يَجُوزُ الجمعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لسوغَ لَهُ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَائِرَهُنَّ فِي بَقَاءِ الْعَشَرَةِ (٩) وَقَدْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ، فَلَمَّا أَمَرَهُ بِإِمْسَاكِ أَرْبَعٍ وَفِرَاقِ سَائِرِهِنَّ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الجمعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ بِحَالٍ، وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الدَّوَامِ، فَفِي الِاسْتِئْنَافِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
حَدِيثٌ آخَرُ فِي ذَلِكَ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِمَا (١٠) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ حُمَيضة (١١) بْنِ الشَّمَرْدَل -وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ: بِنْتِ الشَّمَرْدَلِ، وَحَكَى أَبُو دَاوُدَ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الشَّمَرْذَلِ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ -عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ. وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فِي رِوَايَةِ: الْحَارِثِ بْنِ قَيْسِ بْنِ (١٢) عُمَيْرَةَ الْأَسَدِيِّ قَالَ: أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي ثماني نِسْوَةٍ، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا".
وَهَذَا الْإِسْنَادُ حَسَنٌ، وَمُجَرَّدُ هَذَا الِاخْتِلَافِ لَا يَضُرُّ مثلُه، لِمَا لِلْحَدِيثِ مِنَ الشَّوَاهِدِ (١٣).
حَدِيثٌ آخَرُ فِي ذَلِكَ: قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، رحمه الله، في
(٢) في جـ، ر، أ: "على شرط الشيخين".
(٣) في جـ، ر، أ: "فقال".
(٤) في أ: "أبو يعلى".
(٥) في جـ، أ: "أبو يزيد عمرو بن يزيد الحربي"، وفي ر: "أبو يزيد عمر بن يزيد الجرمي".
(٦) في جـ: "عبد الله".
(٧) في جـ، ر، أ: "وهب".
(٨) السنن الكبرى (٧/١٨٣) وهذه الرواية دليل على أن معمر لم ينفرد بوصله، وهي شاهد جيد على وصل الحديث.
(٩) في جـ: "العشر".
(١٠) في ر: "سننيهما".
(١١) في أ: "حميصة".
(١٢) في جـ، ر، أ: "أن".
(١٣) سنن أبي داود برقم (٢٢٤٢، ٢٢٤١) وسنن ابن ماجة برقم (١٩٥٢) ورجح المزي أن اسمه "قيس بن الحارث".