فَقَالَ: مُنْذُ كَذَا وَكَذَا قَالَ: أَبِإِذْنٍ قَدِمْتَ؟ قَالَ: فَلَا أَدْرِي كَيْفَ رَدَّ عَلَيْهِ. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ نَاسًا لَقَوْنِي بِمِصْرَ فَقَالُوا: إِنَّا نَرَى أَشْيَاءَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، أَمَرَ أَنْ يُعْمَلَ بِهَا فَلَا (١) يُعْمَلُ بِهَا (٢) فَأَحَبُّوا أَنْ يَلْقَوْكَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: اجْمَعْهُمْ لِي. قَالَ: فَجَمَعْتُهُمْ لَهُ -قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: أَظُنُّهُ قَالَ: فِي بَهْو-فَأَخَذَ أَدْنَاهُمْ رَجُلًا فَقَالَ: نَشَدْتُكَ (٣) بِاللَّهِ وَبِحَقِّ الْإِسْلَامِ عَلَيْكَ، أَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ فَهَلْ أَحْصَيْتَهُ فِي نَفْسِكَ؟ قَالَ اللَّهُمَّ لَا. قَالَ: وَلَوْ قَالَ: نَعَمْ لَخَصَمَهُ. قَالَ: فَهَلْ أَحْصَيْتَهُ فِي بَصَرِكَ؟ فَهَلْ (٤) أَحْصَيْتَهُ فِي لَفْظِكَ؟ هَلْ أَحْصَيْتَهُ فِي أَمْرِكَ (٥) ؟ ثُمَّ تَتَبَّعَهُمْ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهِمْ. قَالَ: فَثَكِلَتْ عُمَرَ أُمُّهُ. أتكلِّفونه أَنْ يُقِيمَ النَّاسَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ؟! قَدْ عَلِمَ رَبُّنَا أَنَّهُ سَتَكُونُ (٦) لَنَا سَيِّئَاتٌ. قَالَ: وَتَلَا ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا] ﴾ (٧) ثُمَّ قَالَ: هَلْ عَلِمَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ -أَوْ قَالَ: هَلْ عَلِمَ أَحَدٌ-بِمَا (٨) قَدِمْتُمْ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: لَوْ عَلِمُوا لَوَعَظْتُ بِكُمْ.
إِسْنَادٌ حَسَنٌ (٩) وَمَتْنٌ حَسَنٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ عُمَرَ، وَفِيهَا انْقِطَاعٌ، إِلَّا أَنَّ مِثْلَ هَذَا اشْتُهِرَ (١٠) فَتَكْفِي (١١) شُهْرَتُهُ (١٢).
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ -يَعْنِي الزُّبَيْرِيَّ-حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ جُوَيْنٍ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَقَذْفُ المحصنَة، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْف، وَالتَّعَرُّبِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، والسِّحْر، وعُقوق الْوَالِدَيْنِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَفِرَاقُ الْجَمَاعَةِ، وَنَكْثُ الصَّفْقَةِ.
وَتَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَالْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ.
وَرَوَى ابْنُ (١٣) جَرِيرٍ، مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، وَالْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الْكَبَائِرُ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ إِلَى ثَلَاثِينَ آيَةً مِنْهَا. وَمِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُود، عَنْ زِرّ بْنِ حُبيشِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الْكَبَائِرُ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ إِلَى ثَلَاثِينَ آيَةً مِنْهَا ثُمَّ تَلَا ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ [نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا] (١٤) ﴾
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْمُنْذِرُ بْنُ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَمَنْعُ فُضُولِ الْمَاءِ بَعْدَ الرِّيِّ، وَمَنْعُ طُرُوقِ (١٥) الفحل إلا بجُعْلٍ.

(١) في أ: "لا".
(٢) في جـ، د: "لا يعمل" وفي ر: "نعمل بها فلا نعمل".
(٣) في د: "أنشدك".
(٤) في جـ: "هل".
(٥) في أ: "في أثرك".
(٦) في جـ، د، ر، "سيكون".
(٧) زيادة من جـ، ر، أ، وفي هـ: "الآية".
(٨) في جـ، أ: "فيما".
(٩) في جـ، أ: "جيد".
(١٠) في جـ، د، أ، ر: "يشتهر".
(١١) في جـ، أ: "فيكفي".
(١٢) تفسير الطبري (٨/٢٥٥).
(١٣) في د: "عن".
(١٤) زيادة من جـ، ر، أ، وفي هـ: "الآية".
(١٥) في د: "عروق".


الصفحة التالية
Icon