لَأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالسَّاعَةَ الَّتِي نَزَلَتْ فِيهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَزَلَتْ عَشية عَرَفَة فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ، بِهِ. وَرَوَاهُ أَيْضًا مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ طُرُقٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، بِهِ (١) وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ طَارِقٍ قَالَ: قَالَتِ الْيَهُودُ لِعُمَرَ: إِنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ آيَةً، لَوْ نَزَلَتْ فِينَا لَاتَّخَذَنَاهَا (٢) عِيدًا. فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي لَأَعْلَمُ حِينَ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ (٣) وَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ أُنْزِلَتْ: يَوْمَ عَرَفَةَ، وَأَنَا وَاللَّهِ بِعَرَفَةَ -قَالَ سُفْيَانُ: وَأَشُكُّ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمْ لَا ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ الْآيَةَ. (٤)
وَشَكَّ سُفْيَانُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، إِنْ كَانَ فِي الرِّوَايَةِ فَهُوَ تَوَرُّعٌ، حَيْثُ شَكَّ هَلْ أَخْبَرَهُ شَيْخُهُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَإِنْ كَانَ شَكًّا فِي كَوْنِ الْوُقُوفِ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَهَذَا مَا إِخَالُهُ يَصْدُرُ عَنِ الثَّوْرِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ مَقْطُوعٌ بِهِ، لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ وَلَا مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَقَدْ وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ مُتَوَاتِرَةٌ لَا يُشَكُّ فِي صِحَّتِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ عُمَرَ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، أَخْبَرْنَا رَجاء بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرْنَا عِبَادَةُ بْنُ نُسَيّ، أَخْبَرْنَا أَمِيرُنَا إِسْحَاقُ -قَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ: هُوَ إِسْحَاقُ بْنُ خَرَشة-عَنْ قَبِيصة -يَعْنِي ابْنَ ذُؤيب-قَالَ: قَالَ كَعْبٌ: لَوْ أَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ، لَنَظَرُوا الْيَوْمَ الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ عَلَيْهِمْ، فَاتَّخَذُوهُ عِيدًا يَجْتَمِعُونَ فِيهِ. فَقَالَ عُمَرُ: أَيُّ آيَةٍ يَا كَعْبُ؟ فَقَالَ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ عَلِمْتُ الْيَوْمَ الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ، وَالْمَكَانَ الَّذِي أُنْزِلَتْ (٥) فِيهِ، نَزَلَتْ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ وَيَوْمِ عَرَفَةَ، وَكَلَاهُمَا بِحَمْدِ اللَّهِ لَنَا عِيدٌ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا قَبيصة، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارٍ-هُوَ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ-أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا﴾ فَقَالَ يَهُودِيٌّ: لَوْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَيْنَا لَاتَّخَذْنَا يَوْمَهَا عِيدًا. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي يَوْمِ عِيدَيْنِ اثْنَيْنِ: يَوْمَ عِيدٍ وَيَوْمَ جُمُعَةٍ. (٦)
وَقَالَ ابْنُ مَرْدُويه: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الحُمَّاني، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَلْمان، عَنْ أَبِي عُمَرَ البَزّار، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِيٍّ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] (٧) قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَائِمٌ عَشِيَّةَ عرفة: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾

(١) المسند (١/٢٨) وصحيح البخاري برقم (٤٥) وصحيح مسلم برقم (٣٠١٧) وسنن الترمذي برقم (٣٠٤٣) وسنن النسائي (٥/٢٥١).
(٢) في أ: "لاتخذنا بها"
(٣) في ر: "نزلت".
(٤) صحيح البخاري برقم (٤٦٠٦).
(٥) في ر: "نزلت".
(٦) تفسير الطبري (٩/٥٢٥).
(٧) زيادة من أ.


الصفحة التالية
Icon