فَمَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ عَلَى مُنَافِقٍ، وَلَا قَامَ عَلَى قَبْرِهِ، حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي "التَّفْسِيرِ" مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهِ (١) وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَير، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عُقَيل، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَقَالَ: "أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ". فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ قَالَ: "إنِّي خُيِّرت فاخترتُ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّى إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَر (٢) لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا". قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم انْصَرَفَ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةَ: ﴿وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾ الْآيَةَ، فعجبتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأتي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمُ. (٣)
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيد، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، أَتَى ابْنُهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ إِنْ لَمْ تَأْتِهِ لَمْ نَزَلْ نُعَيَّر بِهَذَا. فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَهُ قَدْ أُدْخِلَ فِي حُفْرَتِهِ، فَقَالَ: أَفَلَا قَبْلَ أَنْ تُدْخِلُوهُ! فَأخرجَ مِنْ حُفرته، وتَفَل عَلَيْهِ مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ الْحَرَّانِيِّ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ -وَهُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ بِهِ (٤)
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَينة، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ فِي قَبْرِهِ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، وَوُضِعَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ، واللَّهُ أَعْلَمُ (٥)
وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مَعَ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ، مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، بِهِ (٦)
وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، حَدَّثَنَا عَامِرٌ، حَدَّثَنَا جَابِرٌ (ح) وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ الدَّوْسِيُّ، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ -قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: بِالْمَدِينَةِ -فَأَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ (٧) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ ابْنُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فقال:
(٢) في ك: "لغفر".
(٣) صحيح البخاري برقم (٤٦٧١).
(٤) المسند (٣/٣٧١) والنسائي في السنن الكبرى برقم (٩٦٦٥).
(٥) صحيح البخاري برقم (٥٧٩٥).
(٦) صحيح البخاري برقم (١٢٧٠، ١٣٥٠، ٣٠٠٨) وصحيح مسلم برقم (٢٧٧٣) وسنن النسائي (٤/٣٧، ٣٨).
(٧) في ت: "رسول الله".