فِيمَا حَكَاهُ عَنْ بَعْضِهِمْ: إِنَّمَا هُوَ خَيَالُ إِطْفِيرَ سَيِّدِهِ، حِينَ دَنَا مِنَ الْبَابِ (١).
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي مَوْدُودٍ (٢) سَمِعْتُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظي قَالَ: رَفَعَ يُوسُفُ رَأْسَهُ إِلَى سَقْفِ الْبَيْتِ، فَإِذَا كِتَابٌ فِي حَائِطِ الْبَيْتِ: ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٣٢]
وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو مَعْشَر الْمَدَنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي صَخْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْقُرَظِيَّ يَقُولُ فِي: "الْبُرْهَانِ" الَّذِي رَأَى يُوسُفُ: ثَلَاثُ آيَاتٍ مِنْ كتاب الله ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ﴾ الْآيَةَ [الِانْفِطَارِ: ١٠]، وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ﴾ الْآيَةَ: [يُونُسَ: ٦١]، وَقَوْلُهُ: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ [الرَّعْدِ: ٣٣] قَالَ نَافِعٌ: سَمِعْتُ أَبَا هِلَالٍ يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِ الْقُرَظِيِّ، وَزَادَ آيَةً رَابِعَةً ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٣٢]
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: رَأَى آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فِي الْجِدَارِ تَنْهَاهُ (٣) عَنْ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ رَأَى مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَا زَجَرَهُ عَمَّا كَانَ هَمَّ بِهِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ صُورَةَ يَعْقُوبَ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ [صُورَةَ] (٤) الْمَلِكِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مَا رَآهُ مَكْتُوبًا مِنَ الزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ. وَلَا حُجَّةَ قَاطِعَةٌ عَلَى تَعْيِينِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَالصَّوَابُ أَنْ يُطْلَقَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ: وَقَوْلُهُ: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ﴾ أَيْ: كَمَا أَرَيْنَاهُ بُرْهَانًا صَرَفَهُ عَمَّا كَانَ فِيهِ، كَذَلِكَ نَقِيهِ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ.
﴿إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ أَيْ: مِنَ الْمُجْتَبِينَ الْمُطَهَّرِينَ الْمُخْتَارِينَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٥) قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٧) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (٢٨) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (٢٩) ﴾
(٢) في ت: "مردود".
(٣) في ت، أ: "والجدار نهاه".
(٤) زيادة من ت، أ.