طَرْفُهَا. فَلَمَّا بَلَغَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَبَلَغَ (١) الْمَكَانَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: "بَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" أَتَى إِلَى الْحَجَرِ الَّذِي ثَمَّةَ، فَغَمَزَهُ جِبْرِيلُ بِأُصْبُعِهِ فَثَقَبَهُ، ثُمَّ رَبَطَهَا. ثُمَّ صَعِدَ فَلَمَّا اسْتَوَيَا فِي صَرْحَة الْمَسْجِدِ، قَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ، هَلْ سَأَلْتَ رَبَّكَ أَنْ يُرِيَكَ الْحُورَ الْعِينَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: فَانْطَلِقْ إِلَى أُولَئِكَ النِّسْوَةِ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِنَّ وَهُنَّ جُلُوسٌ عَنْ يَسَارِ الصَّخْرَةِ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُنَّ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِنَّ، فَرَدَدْنَ عَلَيَّ السَّلَامَ، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَنَّ؟ فَقُلْنَ: نَحْنُ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ، نِسَاءُ قَوْمٍ أَبْرَارٍ، نُقُّوا فَلَمْ يَدْرَنُوا، وَأَقَامُوا فَلَمْ يَظْعَنُوا، وَخُلِّدُوا فَلَمْ يَمُوتُوا". قَالَ: "ثُمَّ انْصَرَفْتُ (٢)، فَلَمْ أَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى اجْتَمَعَ نَاسٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ". قَالَ: "فَقُمْنَا صُفُوفًا نَنْتَظِرُ مَنْ يَؤُمُّنَا، فَأَخَذَ بِيَدِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَدَّمَنِي فَصَلَّيْتُ بِهِمْ. فَلَمَّا انْصَرَفْتُ قَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ، أَتَدْرِي مَنْ صَلَّى خَلْفَكَ؟ " قَالَ: "قُلْتُ: لَا. قَالَ: صَلَّى خَلْفَكَ كُلُّ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ".
قَالَ: "ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي جِبْرِيلُ فَصَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَابِ اسْتَفْتَحَ فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا جِبْرِيلُ، قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ؟ قَالَ: نَعَمْ". قَالَ: "فَفَتَحُوا لَهُ وَقَالُوا: مَرْحَبًا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ". قَالَ: "فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا إِذَا فِيهَا آدَمُ، فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ، أَلَا تُسَلِّمُ عَلَى أَبِيكَ آدَمَ؟ " قَالَ: "قُلْتُ: بَلَى. فَأَتَيْتُهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ وَقَالَ: مَرْحَبًا بِابْنِي وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ". قَالَ: "ثُمَّ عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَاسْتَفْتَحَ، قَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ؟ قَالَ: نَعَمْ": "فَفَتَحُوا (٣) لَهُ وَقَالُوا: مَرْحَبًا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ، فَإِذَا فِيهَا عِيسَى وَابْنُ خَالَتِهِ يَحْيَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ (٤). قَالَ: "ثُمَّ عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَاسْتَفْتَحَ، قَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ؟ قَالَ: نَعَمْ" (٥). فَفَتَحُوا (٦) وَقَالُوا: مَرْحَبًا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ، فَإِذَا فِيهَا يُوسُفُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ، قَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ؟ قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَفَتَحُوا وَقَالُوا: مَرْحَبًا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ. فَإِذَا فِيهَا إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ". قَالَ: "فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ، قَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَفَتَحُوا وَقَالُوا: مَرْحَبًا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ فَإِذَا فِيهَا هَارُونُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ". قَالَ: "ثُمَّ عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَاسْتَفْتَحَ، قَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَفَتَحُوا وَقَالُوا: مَرْحَبًا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ، فَإِذَا فِيهَا مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ. ثُمَّ عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقَالُوا (٧) مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَفَتَحُوا لَهُ وَقَالُوا: مَرْحَبًا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ، فَإِذَا فِيهَا إِبْرَاهِيمُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. فَقَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ، أَلَا تُسَلِّمُ عَلَى أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى. فَأَتَيْتُهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ وَقَالَ: مرحبًا بك يا بني (٨) وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.
ثُمَّ انْطَلَقَ بِي عَلَى ظَهْرِ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، حَتَّى انْتَهَى بِي إِلَى نَهْرٍ عَلَيْهِ خِيَامُ الْيَاقُوتِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالزَّبَرْجَدِ وَعَلَيْهِ طَيْرٌ خُضْرٌ أَنْعَمُ طَيْرٍ رَأَيْتُ. فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، إِنَّ هَذَا الطَّيْرَ لَنَاعِمٌ قَالَ (٩) : يَا مُحَمَّدُ، آكِلُهُ أَنْعَمُ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَتَدْرِي أَيُّ نَهْرٍ هَذَا؟ قَالَ: "قُلْتُ: لَا. قال: هذا الكوثر الذي أعطاك
(٢) في ف: "قال: وانصرفت".
(٣) في ف: "قال: ففتحوا".
(٤) في ت: "عليهما الصلاة والسلام".
(٥) في ف، أ: "قال: ففتحوا".
(٦) في ت، ف، أ: "ففتحوا له".
(٧) في ف: "قالوا".
(٨) في ف: "مرحبا بابني".
(٩) في ف: "فقال".