عَلَيْهِ قَمِيصَانِ لَنَفَذَ شَعْرُهُ دُونَ الْقَمِيصِ، فَإِذَا (١) هُوَ يَقُولُ: يَزْعُمُ النَّاسُ أَنِّي أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا، بَلْ هَذَا أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنِّي". قَالَ: "قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ.
ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَإِذَا أَنَا بِأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ (٢) خَلِيلِ الرَّحْمَنِ سَانِدٍ ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ كَأَحْسَنِ الرِّجَالِ، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا أَبُوكَ (٣) خَلِيلُ الرَّحْمَنِ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، وَإِذَا [أَنَا] (٤) بِأُمَّتِي شَطْرَيْنِ: شَطْرٌ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ كَأَنَّهَا الْقَرَاطِيسُ. وَشَطْرٌ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ رُمْد". قَالَ: "فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ وَدَخَلَ مَعِي الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الثِّيَابُ الْبِيضُ، وَحُجِبَ الْآخَرُونَ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ رُمْدٌ، وَهُمْ عَلَى خَيْرٍ. فَصَلَّيْتُ أَنَا وَمَنْ مَعِي فِي الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، ثُمَّ خَرَجْتُ أَنَا وَمَنْ معي". قال: "والبيت الْمَعْمُورُ يُصَلَّى فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، لَا (٥) يَعُودُونَ فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".
قَالَ: "ثُمَّ دُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا كَلُّ وَرَقَةٍ مِنْهَا تَكَادُ أَنْ تُغَطِّيَ هَذِهِ الْأُمَّةَ، وَإِذَا فِيهَا عَيْنٌ تَجْرِي يُقَالُ لَهَا: سَلْسَبِيلٌ، فَيَنْشَقُّ مِنْهَا نَهْرَانِ، أَحَدُهُمَا: الْكَوْثَرُ، وَالْآخَرُ: يُقَالُ لَهُ: نَهْرُ الرَّحْمَةِ. فَاغْتَسَلْتُ فِيهِ، فَغُفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَمَا تَأَخَّرَ.
ثُمَّ إِنِّي دُفِعْتُ إِلَيَّ الْجَنَّةِ، فَاسْتَقْبَلَتْنِي جَارِيَةٌ، فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتِ يَا جَارِيَةُ؟ فَقَالَتْ (٦) لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَإِذَا [أَنَا] (٧) بِأَنْهَارٍ مِنْ [مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ للشاربين وأنهار مِنْ] (٨) عَسَلٍ مُصَفًّى، وَإِذَا رُمَّانُهَا كَأَنَّهُ الدِّلَاءُ عِظَمًا، وَإِذَا أَنَا بِطَيْرِهَا كَأَنَّهَا بُخْتِيُّكُمْ هَذِهِ". فَقَالَ عِنْدَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَعَدَّ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ".
قَالَ: "ثُمَّ عُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ، فَإِذَا فِيهَا غَضَبُ اللَّهِ وَزَجْرُهُ وَنِقْمَتُهُ، لَوْ طُرِحَ فِيهَا الْحِجَارَةُ وَالْحَدِيدُ لَأَكَلَتْهَا، ثُمَّ أُغْلِقَتْ (٩) دُونِي.
ثُمَّ إِنِّي دُفِعْتُ (١٠) إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، فَتَغَشَّانِي فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَابُ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى". قَالَ: "وَنَزَلَ عَلَى كُلِّ وَرَقَةٍ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ". قَالَ: "وَفُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ (١١) وَقَالَ: لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرٌ، إِذَا هَمَمْتَ بِالْحَسَنَةِ فَلَمْ تَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَكَ حَسَنَةً، فَإِذَا عَمِلَتْهَا كُتِبَتْ لَكَ عَشْرًا، وَإِذَا هَمَمْتَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَمْ تَعْمَلْهَا لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكَ شَيْءٌ، فَإِنْ (١٢) عَمِلْتَهَا كُتِبَتْ عَلَيْكَ سَيِّئَةً وَاحِدَةً.
ثُمَّ دُفِعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: بِمَا أَمَرَكَ رَبُّكَ؟ قُلْتُ: بِخَمْسِينَ صَلَاةً. قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، وَمَتَى لَا [تُطِيقُهُ] (١٣) تَكْفُرُ (١٤) فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي [عَزَّ. وَجَلَّ] (١٥) فَقُلْتُ: يَا رَبِّ، خَفِّفْ عَنْ أُمَّتِي، فَإِنَّهَا أَضْعَفُ الْأُمَمِ. فَوَضَعَ عَنِّي عشرًا، وجعلها
(٢) في ت: "فإذا أنا بإبراهيم".
(٣) في ف، أ: "أبوك إبراهيم".
(٤) زيادة من ف، أ، والدلائل.
(٥) في ت، ف، أ: "ثم لا".
(٦) في ف: "قالت".
(٧) زيادة من ف، أ، والدلائل.
(٨) زيادة من ف، أ، والدلائل.
(٩) في ف: "غلقت".
(١٠) في ف: "رفعت".
(١١) في أ: "خمسون صلاة".
(١٢) في ف: "فإذا".
(١٣) زيادة من ف، أ، والدلائل.
(١٤) في ت: "يكفر".
(١٥) زيادة من ف، أ.