قَالَ: "هَذَا عَاقِرُ النَّاقَةِ"، قَالَ: فَلَمَّا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي، [فَالْتَفَتَ ثُمَّ الْتَفَتَ] (١) فَإِذَا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ. فَلَمَّا انْصَرَفَ جِيءَ بِقَدَحَيْنِ، أَحَدِهِمَا عَنِ الْيَمِينِ وَالْآخَرِ عَنِ الشِّمَالِ، فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ وَفِي الْآخَرِ عَسَلٌ، فَأَخَذَ اللَّبَنَ فَشَرِبَ مِنْهُ، فَقَالَ الَّذِي كَانَ مَعَهُ الْقَدَحُ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ. إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ (٢).
طَرِيقٌ أُخْرَى:
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ أَبُو زَيْدٍ، حَدَّثَنَا هِلَالٌ، حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ جَاءَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَحَدَّثَهُمْ بِمَسِيرِهِ وَبِعَلَامَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَبَعِيرِهِمْ، فَقَالَ نَاسٌ: نَحْنُ لَا نُصَدِّقُ مُحَمَّدًا بِمَا يَقُولُ! فَارْتَدُّوا كُفَّارًا، فَضَرَبَ اللَّهُ رِقَابَهُمْ مَعَ أَبِي جَهْلٍ (٣) وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ (٤) يُخَوِّفُنَا مُحَمَّدٌ بِشَجَرَةِ الزَّقُّومِ، هَاتُوا تَمْرًا وَزُبْدًا فَتَزَقَّمُوا، وَرَأَى الدَّجَّالَ فِي صُورَتِهِ رُؤْيَا عَيْنٍ لَيْسَ بِرُؤْيَا مَنَامٍ، وَعِيسَى وَمُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ. فَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدَّجَّالِ فَقَالَ: "رَأَيْتُهُ فَيْلَمَانِيًّا أَقْمَرَ هِجَانًا، إِحْدَى عَيْنَيْهِ قَائِمَةٌ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ، كَأَنَّ شَعْرَ رَأْسِهِ أَغْصَانُ شَجَرَةٍ. وَرَأَيْتُ عِيسَى أَبْيَضَ، جَعْدَ الرَّأْسِ، حَدِيدَ الْبَصَرِ، مُبَطَّنَ الْخَلْقِ. وَرَأَيْتُ مُوسَى أَسْحَمَ آدَمَ، كَثِيرَ الشَّعْرِ، شَدِيدَ الْخَلْقِ. وَنَظَرْتُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَلَمْ أَنْظُرْ إِلَى إِرْبٍ مِنْهُ إِلَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ مِنِّي، حَتَّى كَأَنَّهُ صَاحِبُكُمْ. قَالَ جِبْرِيلُ: سَلِّمْ عَلَى مَالِكٍ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ".
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي زَيْدٍ ثَابِتِ بْنِ يَزِيدَ (٥) عَنْ هِلَالٍ -وَهُوَ ابْنُ خَبَّابٍ-بِهِ، وَهُوَ (٦) إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.
طَرِيقٌ أُخْرَى:
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ لَيْلَةَ أَسْرِيَ بِي مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ، رَجُلًا طُوَالًا جَعْدًا، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ مَرْبُوعَ الْخَلْقِ، إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، سَبْطَ الرَّأْسِ". وَأَرَى مَالِكًا خَازِنَ جَهَنَّمَ وَالدَّجَّالَ، فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللَّهُ إِيَّاهُ، قَالَ: ﴿فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ﴾ [السَّجْدَةِ: ٢٣] فَكَانَ قَتَادَةُ يُفَسِّرُهَا: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (٧) قَدْ لَقِيَ مُوسَى [عَلَيْهِ السَّلَامُ] (٨) ﴿وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ قَالَ: جَعَلَ اللَّهُ مُوسَى هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (٩).
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ شَيْبَانَ (١٠). وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ مختصرًا (١١).

(١) زيادة من المسند مستفاد من هامش ط. الشعب.
(٢) المسند (١/٢٥٧) وفيه قابوس بن أبي ظبيان وقد تكلم فيه خاصة روايته عن أبيه، وقال ابن عدي: "أحاديثه متقاربة، وأرجو أنه لا بأس" فمثل حديثه أقرب درجاته التحسين.
(٣) في ف، أ: "أبي جهل قبحهم الله".
(٤) في ف، أ: "أبو جهل قبحه الله".
(٥) في ت، ف: "أبي يزيد ثابت بن زيد".
(٦) المسند (١/٣٧٤) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١٤٨٤).
(٧) زيادة من ت، أ.
(٨) زيادة من أ.
(٩) دلائل النبوة (٢/٣٨٦).
(١٠) صحيح مسلم برقم (١٦٥).
(١١) صحيح البخاري برقم (٣٢٣٩) وصحيح مسلم برقم (١٦٥).


الصفحة التالية
Icon