وَقَالَ عِكْرِمَةُ: مَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُنَّ كُنّ سَبَبَ النُّزُولِ دُونَ غَيْرِهِنَّ فَصَحِيحٌ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُنَّ الْمُرَادُ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِنَّ، فَفِي هَذَا نَظَرٌ؛ فَإِنَّهُ قَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ:
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ، أَخْبَرَنَا عَلَيِّ بْنِ زَيْدٍ (١)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمُرُّ بِبَابِ فَاطِمَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ إِذَا خَرَجَ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرَ يَقُولُ: "الصَّلَاةُ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ، ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ عَفَّانَ بِهِ. وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ (٢). (٣)
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيع، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنِي أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الْحَمْرَاءِ قَالَ: رَابَطْتُ الْمَدِينَةَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، [قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (٤) إِذَا طَلَعَ الْفَجْرَ، جَاءَ إِلَى بَابِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ فَقَالَ: "الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ (٥).
أَبُو دَاوُدَ الْأَعْمَى هُوَ: نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ، كَذَّابٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ (٦) قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ، فَذَكَرُوا عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَلِمَا قَامُوا قَالَ لِي: أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَا رَأَيْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ اللَّهَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: أَتَيْتُ فَاطِمَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ عَلِيٍّ فَقَالَتْ: تَوَجه إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ عَلِيٌّ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ، آخِذٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيَدِهِ حَتَّى دَخَلَ، فَأَدْنَى عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَأَجْلَسَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَجْلَسَ حَسَنًا وَحُسَيْنًا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ لفَّ عَلَيْهِمْ (٧) ثَوْبَهُ -أَوْ قَالَ: كِسَاءَهُ -ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾، اللَّهُمَّ (٨) هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، وَأَهْلُ بَيْتِي أَحَقُّ"، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ (٩)، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ بِسَنَدِهِ نَحْوَهُ -زَادَ فِي آخِرِهِ: قَالَ وَاثِلَةُ: فَقُلْتُ: وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ -مِنْ أَهْلِكَ؟ قَالَ: "وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِي"قَالَ وَاثِلَةُ: إِنَّهَا مِنْ أَرْجَى مَا أَرْتَجِي (١٠).
ثُمَّ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ وَاصِلٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْن، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ كُلْثُومِ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ شَدَّادِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: إِنِّي لَجَالِسٌ عِنْدَ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ إذ ذكروا عليا

(١) في ت: "فروى الإمام أحمد بإسناده".
(٢) في ت: "حديث حسن".
(٣) المسند (٣/٢٥٩) وسنن الترمذي برقم (٣٢٠٦).
(٤) زيادة من ت، ف، أ، والطبري.
(٥) تفسير الطبري (٢٢/٦) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٢٢/٢٠٠) من طريق منصور بن الأسود، عن أبي داود بنحوه.
(٦) في ت: "وروى الإمام أحمد بإسناده عن شداد بن عمار".
(٧) في ت: "عليهما".
(٨) في ت، ف: "وقال: اللهم".
(٩) في أ: "عمر".
(١٠) المسند (٤/١٠٧) وتفسير الطبري (٢٢/٦).


الصفحة التالية
Icon