وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: "إِنَّكَ لَتَشْتَهِي الطَّيْرِ فِي الْجَنَّةِ، فَيَخِرُّ بَيْنَ يَدَيْكَ مَشْوِيًّا" (١).
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ (٢)، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا اشْتَهَى الْمُؤْمِنُ الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ، كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ وسِنّه فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ".
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، عَنْ بُنْدار، عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ، بِهِ (٣) وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَزَادَ "كَمَا يَشْتَهِي".
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يُونُسَ: ٢٦]. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ صُهَيب بْنِ سِنَانٍ الرُّومِيِّ: أَنَّهَا النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ. وَقَدْ رَوَى الْبَزَّارُ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ الْقَاضِي، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ أَبِي الْيَقْظَانِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾ قَالَ: يَظْهَرُ لَهُمُ الرَّبُّ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي كُلِّ جُمُعَةٍ (٤).
وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ مَرْفُوعًا فَقَالَ فِي مُسْنَدِهِ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو الْأَزْهَرِ مُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ (٥) أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: أَتَى جِبْرَائِيلُ بِمِرْآةٍ بَيْضَاءَ فِيهَا نُكْتَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ (٦) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا هَذِهِ؟ " فَقَالَ: هَذِهِ الْجُمُعَةُ، فُضّلتَ بِهَا أَنْتَ وَأُمَّتُكَ، فَالنَّاسُ لَكُمْ فِيهَا تَبَعٌ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَلَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ، وَلَكُمْ فِيهَا سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا مُؤْمِنٌ (٧) يَدْعُو اللَّهَ بِخَيْرٍ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ، وَهُوَ عِنْدَنَا يَوْمُ الْمَزِيدِ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا جِبْرِيلُ، وَمَا يَوْمُ الْمَزِيدِ؟ " قَالَ: إِنْ رَبَّكَ اتَّخَذَ فِي الْفِرْدَوْسِ وَادِيًا أَفْيَحَ فِيهِ كُثُبُ الْمِسْكِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَنْزَلَ اللَّهُ مَا شَاءَ (٨) مِنْ مَلَائِكَتِهِ، وَحَوْلَهُ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ، عَلَيْهَا مَقَاعِدُ النَّبِيِّينَ، وَحَفَّ تِلْكَ الْمَنَابِرَ بِمَنَابِرَ مِنْ ذَهَبٍ، مُكَلَّلَةٍ بِالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ، عَلَيْهَا الشُّهَدَاءُ وَالصِّدِّيقُونَ (٩) فَجَلَسُوا مِنْ وَرَائِهِمْ عَلَى تِلْكَ الْكُثُبِ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا رَبُّكُمْ، قَدْ صَدَقْتُكُمْ وَعْدِي، فَسَلُونِي أُعْطِكُمْ. فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا، نَسْأَلُكَ رِضْوَانَكَ، فَيَقُولُ: قَدْ رَضِيتُ عَنْكُمْ، وَلَكُمْ عَلَيَّ مَا تَمَنَّيْتُمْ، وَلَدَيَّ مَزِيدٌ. فَهُمْ يُحِبُّونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِمَا يُعْطِيهِمْ فِيهِ رَبُّهُمْ مِنَ الْخَيْرِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي اسْتَوَى فِيهِ رَبُّكُمْ عَلَى الْعَرْشِ، وفيه خلق آدم، وفيه تقوم الساعة".

(١) رواه الحسن بن عرفة في جزئه برقم (٢٢) والبزار في مسنده برقم (٣٥٣٢) "كشف الأستار" وابن عدي في الكامل (٦/٦٨٩) من طريق خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابن مسعود مرفوعا به. وفيه حميد الأعرج، قال البخاري: منكر الحديث وقال ابن حبان: أحاديثه شبه الموضوعة.
(٢) في م: "عن أبي بكر الصديق".
(٣) المسند (٣/٩) وسنن الترمذي برقم (٢٥٦٣) وسنن ابن ماجة برقم (٤٣٣٨).
(٤) في أ: "جهة".
(٥) في م: "عن عبيد الله بن عمير" وفي الأصل: "عبد الله عمير" والتصويب من الأم للشافعي.
(٦) في م: "رسول الله".
(٧) في أ: "لا يوافقها عبد مؤمن".
(٨) في م: "ناسا".
(٩) في أ: "الصالحون".


الصفحة التالية
Icon