قُلْتُ: عِكْراش بْنُ ذُؤَيْبٍ. قَالَ: "ارْفَعْ فِي النَّسَبِ"، فَانْتَسَبْتُ لَهُ إِلَى "مُرَّةَ بْنِ عُبَيْدٍ"، وَهَذِهِ صَدَقَةُ "مُرَّةَ بْنِ عُبَيْدٍ". فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: هَذِهِ إِبِلُ قَوْمِي، هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِي. ثُمَّ أَمَرَ بِهَا أَنَّ تُوسَمَ بِمِيسَمِ إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَتُضَمَّ إِلَيْهَا. ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَانْطَلَقْنَا إِلَى مَنْزِلِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ: "هَلْ مِنْ طَعَامٍ؟ " فَأُتِينَا بحفنة كَثِيرَةِ الثَّرِيدِ وَالْوَذَرِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهَا، فَأَقْبَلْتُ أُخَبِّطُ بِيَدِي فِي جَوَانِبِهَا، فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى يَدِي الْيُمْنَى، فَقَالَ: "يَا عِكْراش، كُلْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ طَعَامٌ وَاحِدٌ". ثُمَّ أُتِينَا بِطَبَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، أَوْ رُطَبٌ -شَكَّ عُبَيْدُ اللَّهِ رُطَبًا كَانَ أَوْ تَمْرًا-فَجَعَلْتُ آكُلُ مِنْ بَيْنِ يَدِي، وَجَالَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّبَقِ، وَقَالَ: "يَا عِكْراش، كُلْ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ فَإِنَّهُ غَيْرُ لَوْنٍ وَاحِدٍ". ثُمَّ أُتِينَا بِمَاءٍ، فَغَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ وَمَسَحَ بِبَلَلِ كَفَّيْهِ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَرَأْسَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: "يَا عِكْراش، هَذَا الْوُضُوءُ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ".
وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُطَوَّلًا وَابْنُ مَاجَهْ جَمِيعًا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، عَنْ أبي الهزيل الْعَلَاءِ بْنِ الْفَضْلِ، بِهِ (١). وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ وَعَفَّانُ -وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ -قَالُوا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُعْجِبُهُ الرُّؤْيَا، فَرُبَّمَا رَأَى الرَّجُلُ الرُّؤْيَا فَسَأَلَ عَنْهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ، فَإِذَا أثني عليه معروف، كَانَ أَعْجَبَ لِرُؤْيَاهُ إِلَيْهِ. فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْتُ كَأَنِّي أُتِيتُ فَأُخْرِجْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَأُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ وَجبَة انْتَحَبَتْ لها الجنة، فنظرت فإذا فلان ابن فلان، وفلان ابن فُلَانٍ، فسَمَّتْ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَعَثَ سِرِّيَّةً قَبْلَ ذَلِكَ، فَجِيءَ بِهِمْ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ طُلْسٌ تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُمْ، فَقِيلَ: اذْهَبُوا بِهِمْ إِلَى نَهْرِ الْبَيْدَخِ -أَوْ: الْبَيْذَخِ-قَالَ: فَغُمِسُوا فِيهِ، فَخَرَجُوا وَوُجُوهُهُمْ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَأُتُوا بِصَحْفَةٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهَا بُسر، فَأَكَلُوا مِنْ بُسره مَا شاؤوا، فَمَا يُقَلِّبُونَهَا مِنْ وَجْهٍ إِلَّا أَكَلُوا مِنَ الْفَاكِهَةِ مَا أَرَادُوا، وَأَكَلْتُ مَعَهُمْ. فَجَاءَ الْبَشِيرُ مِنْ تِلْكَ السِّرِّيَّةِ، فَقَالَ: كَانَ (٢) مِنْ أَمْرِنَا (٣) كَذَا وَكَذَا، وَأُصِيبَ (٤) فُلَانٌ وَفُلَانٌ. حَتَّى عَدَّ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْأَةَ فَقَالَ: "قُصِّي رُؤْيَاكِ" فَقَصَّتْهَا، وَجَعَلَتْ تَقُولُ: فَجِيءَ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ كَمَا قَالَ.
هَذَا لَفْظُ أَبِي يَعْلَى، قَالَ الْحَافِظُ الضِّيَاءُ: وَهَذَا عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٌ (٥).
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا رَيْحَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابة، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قال
قال البخاري: "لا يثبت حديثه" ونقل العقيلي عنه أنه قال: "في إسناده نظر".
(٢) في م، أ: "فقال: ما كان".
(٣) في م، أ: "رؤيا".
(٤) في م، أ: "فأصيب".
(٥) المسند للإمام أحمد (٣/١٣٥) ومسند أبي يعلى برقم (٣٢٨٩) (٦/٤٤) وقال الهيثمي في المجمع (٧/١٧٥) :"رجاله رجال الصحيح".