﴿السَّائِحُونَ﴾ [التَّوْبَةِ: ١١٢] أَيْ: الْمُهَاجِرُونَ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: ﴿ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾ أَيْ: مِنْهُنَّ ثَيِّبَاتٍ، وَمِنْهُنَّ أَبْكَارًا، لِيَكُونَ ذَلِكَ أَشْهَى إِلَى النُّفُوسِ، فَإِنَّ التَّنَوُّعَ يبسُط النفسَ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾
وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ صَدَقَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ، عَنْ صَالِحُ بْنُ حَيَّان، عَنِ ابْنِ بُرَيدة، عَنْ أَبِيهِ: ﴿ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾ قَالَ: وَعَدَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يُزَوِّجَهُ، فَالثَّيِّبُ: آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَبِالْأَبْكَارِ: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ (١).
وَذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ "مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ" مِنْ طَرِيقِ سُوَيْد بْنِ سَعِيدٍ (٢) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الضَّحَّاكِ وَمُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَوْتِ خَدِيجَةَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُهَا السَّلَامَ، وَيُبَشِّرُهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَب، بَعِيدٍ مِنَ اللَّهَبِ (٣) لَا نَصَب فِيهِ وَلَا صَخَب، مِنْ لُؤْلُؤَةٍ جَوْفَاءَ بَيْنَ بَيْتِ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ وَبَيْتِ آسِيَةَ بِنْتِ مُزَاحِمٍ (٤).
وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ، وَهِيَ فِي الْمَوْتِ فَقَالَ: "يَا خَدِيجَةُ، إِذَا لَقِيتِ ضَرَائِرَكِ فَأَقْرِئِيهِنَّ مِنِّي السَّلَامَ". فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهَلْ تَزَوَّجْتَ قَبْلِي؟ قَالَ: "لَا"، وَلَكِنَّ اللَّهَ زَوَّجَنِي مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ، وَآسِيَةَ امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ، وَكُلْثُمَ أُخْتَ مُوسَى". ضَعِيفٌ أَيْضًا (٥).
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ النُّورِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ (٦) بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُعْلِمتُ أَنَّ اللَّهَ زَوَّجَنِي فِي الْجَنَّةِ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ، وَكُلْثُمَ أُخْتَ مُوسَى، وَآسِيَةَ امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ". فَقُلْتُ: هَنِيئًا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ (٧).
وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ وَرُوِيَ مُرْسَلًا عَنِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٦) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧) ﴾
(٢) في أ: "بن سعد".
(٣) في أ: "من اللهو".
(٤) تاريخ دمشق (ص٣٨٣) "تراجم النساء" ط. المجمع العلمي بدمشق.
(٥) تاريخ دمشق (ص ٣٨٤) "تراجم النساء" ط. المجمع العلمي بدمشق.
(٦) في م، أ، هـ: "يوسف" والمثبت من المعجم الكبير للطبراني.
(٧) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٨/٣٠٩) والعقيلي في الضعفاء (٤/٤٥٩) من طريق عبد النور بن عبد الله به، وعبد النور كذاب، قال العقيلي: "وليس بمحفوظ".
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٨) ﴾