قَالَ: فَالْحُقْبُ [أَلْفُ] (١) شَهْرٍ، الشَّهْرُ ثَلَاثُونَ يَوْمًا، وَالسَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، وَالسَّنَةُ ثَلَاثُمِائَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا، كُلُّ يَوْمٍ مِنْهَا أَلْفُ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، فَالْحُقْبُ ثَلَاثُونَ أَلْفَ أَلْفِ سَنَةٍ (٢). وَهَذَا حديثٌ مُنْكَرٌ جِدًّا، وَالْقَاسِمُ هُوَ وَالرَّاوِي عَنْهُ وَهُوَ جَعْفَرُ بْنُ الزُّبَيْرِ كِلَاهُمَا مَتْرُوكٌ.
وَقَالَ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِرْدَاس، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبُو المُعَلَّى قَالَ: سَأَلْتُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ: هَلْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ أَحَدٌ؟ فَقَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "وَاللَّهِ لَا يُخْرُجُ مِنَ النَّارِ أَحَدٌ حَتَّى يَمْكُثَ فِيهَا أَحْقَابًا". قَالَ: والحُقْب: بِضْعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً، وَالسَّنَةُ ثَلَاثُمِائَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا مِمَّا تَعُدُّونَ (٣).
ثُمَّ قَالَ: سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ بَصْرِيٌّ مَشْهُورٌ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: ﴿لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا﴾ سَبْعُمِائَةُ حُقب، كُلُّ حُقْبٍ سَبْعُونَ سَنَةً، كُلُّ سَنَةٍ ثَلَاثُمِائَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا، كُلُّ يَوْمٍ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ.
وَقَدْ قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيّان: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ: ﴿فَذُوقُوا فَلَنْ نزيدَكُمْ إِلا عَذَابًا﴾
وَقَالَ خَالِدُ بْنُ مَعْدان: هَذِهِ الْآيَةُ وَقَوْلُهُ: ﴿إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾ [هُودٍ: ١٠٧] فِي أَهْلِ التَّوْحِيدِ. رَوَاهُمَا ابْنُ جَرِيرٍ.
ثُمَّ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: ﴿لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا﴾ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا﴾ ثُمَّ يُحْدِثُ اللَّهُ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ عَذَابًا مِنْ شَكْلٍ آخَرَ وَنَوْعٍ آخَرَ. ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا انْقِضَاءَ لَهَا، كَمَا قَالَ قَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ. وَقَدْ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ البَرْقِي، حَدَّثَنَا عَمْرُو بن أبي سلمة، عن زُهَيْرٍ، عَنْ سَالِمٍ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَسْأَلُ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا﴾ قَالَ: أَمَّا الْأَحْقَابُ فَلَيْسَ لَهَا عِدّة إِلَّا الْخُلُودَ فِي النَّارِ، وَلَكِنْ ذَكَرُوا أَنَّ الحُقبَ سَبْعُونَ سَنَةً، كُلُّ يَوْمٍ مِنْهَا كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ.
وَقَالَ سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا﴾ وَهُوَ: مَا لَا انْقِطَاعَ لَهُ، كُلَّمَا مَضَى حُقب جَاءَ حُقْبٌ بَعْدَهُ، وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ الحُقْب ثَمَانُونَ سَنَةً.
وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: ﴿لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا﴾ لَا يَعْلَمُ عِدَّةَ هَذِهِ الْأَحْقَابِ إِلَّا اللَّهُ، وَلَكِنَّ الحُقْب الْوَاحِدَ ثَمَانُونَ سَنَةً، وَالسَّنَةُ ثَلَاثُمِائَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا، كُلُّ يَوْمٍ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ. رَوَاهُمَا أيضا ابن جرير (٤).

(١) زيادة من إتحاف للبوصيري.
(٢) ورواه ابن أبي عم العدني في مسنده كما في إتحاف المهرة للبوصيري (ق ٢١٨ سليمانية) عن مروان، عن جعفر بن الزبير بنحوه، ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٨/٢٩٢) من طريق يعقوب بن كعب، عن مروان، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مرفوعا: "الحقب الواحد: ثلاثون ألف سنة".
(٣) مسند البزار برقم (٢٢٤٩) "كشف الأستار" ورواه الديلمي في مسند الفردوس برقم (٧٠٢٩) من طريق زياد بن أبي زيد، عن سليمان بن مسلم به نحوه، وقال الهيثمي في المجمع (١٠/٣٩٥) :"فيه سليمان بن مسلم الخشاب، وهو ضعيف جدًا".
(٤) تفسير الطبري (٣٠/٩).


الصفحة التالية
Icon