أما الآية الثانية فقد تضمنت أحكاما بعضها نُسخ العمل به وبعضها محكم يعمل به الى يوم الدين المحكم والواجب العمل به تحريم شعائر الل وهي أعلام دينه من سائر ما فرض وأوجب، ونهى وحرم. فلا تستحل بترك واجب، ولا بفعل محرم، ومن ذلك مناسك بقول الله فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم الآية، ومن المنسوخ أيضاً هدي المشركين وقلائدهم والمشركون أنفسهم فلا يسمح لهم بدخول الحرم ولا يقبل منهم هدى، ولا يجيرهم من القتل تقليد أنفسهم بلحاء شجر الحرم ولو تقلدوا شجر الحرم كله. هذا معنى قوله تعالى ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله، ولا الشهر الحرام ولا الهدى ولا القلائد ولا آمين. البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا ﴾ والمراد بالفضل الرزق بالتجارة في الحج، والمراد يالرضوان ما كان المشركون يطلبونه بحجهم من رضى الله ليبارك لهم في أرزاقهم ويحفظهم في حياتهم.
وقوله تعالى ﴿ وإذا حللتم فاصطادوا.. ﴾ خطاب للمؤمنين أذن لهم فى الاصطياد الذي كان محرماً وهم محرمون إذن لهم فيه بعد تحللهم من إحرامهم. وقوله تعالى ﴿.. ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا ﴾ ينهى عباده المؤمنين أن يحملهم بغض قوم صدوهم يوم الحديبية عن دخول المسجد الحرام أن يعتدوا عليهم بغير ما أذن الله تعالى لهم فيه وهو قتالهم إن قاتلوا وتركهم إن تركوا. ثم أمرهم تعالى بالتعاون على البر والتقوى، أي على أداء الواجبات والفضائل، وترك المحرمات والرذائل، ونهاهم عن التعاون عن ضدها فقال عز وجل: ﴿ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإِثم والعدوان ﴾.
ولما كانت التقوى تعم الدين كله فعلاً وتركاً أمرهم بها، فقال واتقوا الله بالإِيمان به ورسوله وبطاعتهما في الفعل والترك، وحذرهم من إهمال أمره بقوله ﴿ إن الله شديد العقاب ﴾ باحذروه بلزوم التقوى.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين:


الصفحة التالية
Icon