قال ابن زيد، في قوله: فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلمُوا قال: ردّه لمكان من بين أظهرهم من المؤمنين والمؤمنات، وأخره ليدخل الله في رحمته من يشاء من يريد أن يهديه.
وقوله: فجَعَلَ مِنْ دُون ذلكَ فَتْحا قَرِيبا اختلف أهل التأويل في الفتح القريب، الذي جعله الله للمؤمنين دون دخولهم المسجد الحرام محلّقين رؤوسهم ومقصّرين، فقال بعضهم: هو الصلح الذي جرى بين رسول الله ﷺ وبين مشركي قريش. ذكر من قال ذلك:
عن مجاهد، قوله: مِنْ دُونِ ذلكَ فَتْحا قَرِيبا قال: النحر بالحُديبية، ورجعوا فافتتحوا خَيبر، ثم اعتمر بعد ذلك، فكان تصديق رؤياه في السنة القابلة.
عن الزهريّ، قوله: فجعَلَ مِنْ دُونِ ذلكَ فَتْحا قَرِيبا يعني: صلح الحُديبية، وما فتح في الإسلام فتح كان أعظم منه، إنما كان القتال حيث التقى الناس فلما كانت الهدنة وضعت الحرب، وأمن الناس كلهم بعضهم بعضا، فالتقوا فتفاوضوا في الحديث والمنازعة، فلم يكلم أحد بالإسلام يعقل شيئا إلا دخل فيه، فلقد دخل في تينك السنتين في الإسلام مثل من كان في الإسلام قبل ذلك وأكثر.
عن ابن إسحاق فجعَلَ مِنْ دُونِ ذلكَ فَتْحا قَرِيبا قال: صلح الحُديبية.
وقال آخرون: عنى بالفتح القريب في هذا الموضع: فتح خيبر. ذكر من قال ذلك:
قال ابن زيد، في قوله: فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلكَ فَتْحا قَرِيبا قال: خيبر حين رجعوا من الحُديبية، فتحها الله عليهم، فقسمها على أهل الحديبية كلهم إلا رجلاً واحدا من الأنصار، يقال له: أبو دجانة سماك بن خرشة، كان قد شهد الحُديبية وغاب عن خَيبر.


الصفحة التالية
Icon