ذهب جمهور أهل السنة أن القمر قد انشق في عهد رسول الله ﷺ بإذن الله، معجزة له دالة على صدقه. وقال الحافظ ابن كثير:( لقد أجمع المسلمون على وقوع انشقاق القمر في زمن الرسول ﷺ وقد جاءت بذلك الأحاديث المتواترة، من طرق متعددة تفيد القطع عند من أحاط بها ونظر فيها، وقد رويت الأحاديث الصحيحة في ذلك عن جمع من الصحابة هم أنس بن مالك وجبير بن مطعم وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين (٥٤).
وذكر الألوسي الاختلاف في تواتر الأحاديث الواردة في انشقاق القمر، ونقل عن ابن السبكي قوله في شرحه لمختصر ابن الحاجب: الصحيح عندي أنّ انشقاق القمر متواتر منصوص عليه في القرآن، مرويّ في الصحيحين وغيرهما من طرق شتى بحيث لا يمترى في تواتره)(٥٥).
وذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني الإجماع على انشقاق القمر في عهد رسول الله ﷺ بإذن الله، معجزة من الله تعالى، وتصديقا لرسوله(٥٦).
وحتى لو شكّك بعض المعاصرين في وقوع هذه المعجزة وفسّر الآية على أنّ انشقاق القمر إنما يكون علامة على اقتراب الساعة قبل يوم القيامة(٥٧) فإن معجزات رسول الله ﷺ عديدة، وفي مقدمتها القرآن الكريم المعجزة الخالدة الباقية، ونقرر هنا إيماننا بمعجزة انشقاق القمر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أجمع على ذلك علماء الإسلام ولم تظهر مثل تلك التأويلات المحدثة إلاّ عند نفر من بعض المعاصرين الذين تأثروا بالأفكار الوافدة، وكأنّ من روى هذه الروايات عندهؤلاء لا يستطيع التفريق بين خسوف القمر المعتاد، ومعجزة انشقاقه.
ومع ذلك فتذكر لنا الكتب الشرعية تلك المناظرة الجميلة في إثبات هذه المعجزة الإلهية، والتي وقعت بين الإمام الباقلاني(٥٨) وبين إمبراطور الروم في ذلك العهد.