الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ َبِنَاءً} ؛ لأنهما من أعظم المخلوقات، ومن قدر على خلق الأعظم فهو على غيره قادر من باب أحرى. وأوضح الله تعالى هذا البرهان في آيات كثيرة كقوله تعالى: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ [٤٠/٥٧]، وقوله :﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾ [٣٦/٨١]، وقوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى﴾ [٤٦/٣٣]، وقوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ﴾ [١٧/٩٩]، وقوله :﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا﴾ الآية [٧٩/٢٧] إلى غير ذلك من الآيات.
البرهان الثالث: إحياء الأرض بعد موتها؛ فإنه من أعظم الأدلة على البعث بعد الموت، كما أشار له هنا بقوله: ﴿وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ﴾ وأوضحه في آيات كثيرة كقوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [٤١/٣٩] وقوله: ﴿وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ﴾ [٥٠/١١]، يعني: خروجكم من قبوركم أحياء بعد أن كنتم عظاما رميما. وقوله: ﴿وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ [٣٠/١٩]، وقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [٧/٥٧]، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا﴾ لم يصرح هنا باسم هذا العبد الكريم، صلوات الله وسلامه عليه، وصرح باسمه في موضع آخر وهو قوله: ﴿وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ﴾ [٤٧/٢]، صلوات الله وسلامه عليه.
قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾، هذه الحجارة قال كثير من العلماء: إنها حجارة من كبريت. وقال بعضهم: إنها الأصنام التي كانوا يعبدونها. وهذا القول يبينه ويشهد له قوله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ الآية [٢١/٩٨].
قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا


الصفحة التالية
Icon