الأولى مطلقا ولو سبي الزوج معها، وهو ظاهر الآية أو لا يبطله إلا إذا سبيت وحدها دونه؟ فإن سبي معها فحكم الزوجية باق، وهو قول أبي حنيفة وبعض أصحاب أحمد والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ الآية، يعني: كما أنكم تستمتعون بالمنكوحات فاعطوهن مهورهن في مقابلة ذلك، وهذا المعنى تدل له آيات من كتاب الله كقوله تعالى: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ الآية [٤/٢١]، فإفضاء بعضهم إلى بعض المصرح بأنه سبب لاستحقاق الصداق كاملا، هو بعينه الاستمتاع المذكور هنا في قوله: ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ﴾ الآية [٤/٢٤]، وقوله: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [٤/٤]، وقوله: ﴿وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً﴾ الآية [٢/٢٢٩]. فالآية في عقد النكاح، لا في نكاح المتعة كما قال به من لا يعلم معناها، فإن قيل التعبير بلفظ الأجور يدل على أن المقصود الأجرة في نكاح المتعة؛ لأن الصداق لا يسمى أجرا، فالجواب أن القرآن جاء في تسمية الصداق أجرا في موضع لا نزاع فيه؛ لأن الصداق لما كان في مقابلة الاستمتاع بالزوجة كما صرح به تعالى في قوله: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ﴾ الآية، صار له شبه قوي بأثمان المنافع فسمي أجرا، وذلك الموضع هو قوله تعالى: ﴿فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [٤/٢٥]، أي: مهورهن بلا نزاع، ومثله قوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ الآية [٥/٥]. أي: مهورهن فاتضح أن الآية في النكاح لا في نكاح المتعة، فإن قيل: كان ابن عباس وأبي بن كعب، وسعيد بن جبير، والسدي يقرأون: ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ﴾ إلى أجل مسمى، وهذا يدل على أن الآية في نكاح المتعة، فالجواب من ثلاثة أوجه:
الأول: أن قولهم إلى أجل مسمى لم يثبت قرآنا؛ لإجماع الصحابة على عدم كتبه في المصاحف العثمانية، وأكثر الأصوليين على أن ما قرأه الصحابي على أنه قرآن، ولم يثبت كونه قرآنا لا يستدل به على شيء؛ لأنه باطل من أصله؛ لأنه لما لم ينقله إلا على أنه قرآن فبطل كونه قرآنا ظهر بطلانه من أصله.
الثاني: أنا لو مشينا على أنه يحتج به، كالاحتجاج بخبر الآحاد كما قال به قوم، أو على أنه تفسير منهم للآية بذلك، فهو معارض بأقوى منه؛ لأن جمهور العلماء على


الصفحة التالية
Icon