تقصروا من الصلاة قصر الكيفية كما في صلاة الخوف؛ ولهذا قال: ﴿إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الآية. ولهذا قال بعدها: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ﴾ [٤/١٠٢]. فبين المقصود من القصر ها هنا، وذكر صفته وكيفيته. اهـ محل الغرض منه بلفظه وهو واضح جدا فيما ذكرنا وهو اختيار ابن جرير.
وعلى هذا القول، فالآية في صلاة الخوف وقصر الصلاة في السفر عليه مأخوذ من السنة لا من القرآن، وفي معنى الآية الكريمة أقوال أخر:
أحدها: أن معنى ﴿أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [٤/١٠١]، الاقتصار على ركعة واحدة في صلاة الخوف كما قدمنا آنفا من حديث ابن عباس عند مسلم، والنسائي، وأبي داود، وابن ماجه، وقدمنا أنه رواه ابن ماجه عن طاوس.
وقد روى نحوه أبو داود، والنسائي من حديث حذيفة قال: فصلى بهؤلاء ركعة، وهؤلاء ركعة ولم يقضوا ورواه النسائي أيضا من حديث زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وممن قال بالاقتصار في الخوف على ركعة واحدة، الثوري وإسحاق ومن تبعهما. وروي عن أحمد بن حنبل وعطاء، وجابر، والحسن، ومجاهد، والحكم، وقتادة، وحماد، والضحاك.
وقال بعضهم: يصلى الصبح في الخوف ركعة، وإليه ذهب ابن حزم، ويحكى عن محمد بن نصر المروزي وبالاقتصار على ركعة واحدة في الخوف.
قال أبو هريرة: وأبو موسى الأشعري وغير واحد من التابعين ومنهم من قيده بشدة الخوف.
وعلى هذا القول، فالقصر في قوله تعالى: ﴿أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ﴾ [٤/١٠١]، قصر كمية.
وقال جماعة: إن المراد بالقصر في قوله: ﴿أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ﴾، هو قصر الصلاة في السفر. قالوا: ولا مفهوم مخالفة للشرط الذي هو قوله: ﴿إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ؛ لأنه خرج مخرج الغالب حال نزول هذه الآية، فإن في مبدأ


الصفحة التالية
Icon