الإسلام بعد الهجرة كان غالب أسفارهم مخوفة.
وقد تقرر في الأصول، أن من الموانع لاعتبار مفهوم المخالفة خروج المنطوق مخرج الغالب، ولذا لم يعتبر الجمهور مفهوم المخالفة في قوله: ﴿اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ [٤/٢٣]؛ لجريانه على الغالب.
قال في "مراقي السعود": في ذكر موانع اعتبار مفهوم المخالفة:
أو جهل الحكم أو النطق انجلب | للسؤل أو جرى على الذي غلب |
وظاهر الآيات المتقدمة الدالة على أن المراد بقوله أن تقصروا من الصلاة قصر الكيفية في صلاة الخوف، كما قدمنا، والله تعالى أعلم، وهيئات صلاة الخوف كثيرة، فإن العدو تارة يكون إلى جهة القبلة، وتارة إلى غيرها، والصلاة قد تكون رباعية، وقد تكون ثلاثية، وقد تكون ثنائية، ثم تارة يصلون جماعة، وتارة يلتحم القتال، فلا يقدرون على الجماعة بل يصلون فرادى رجالا، وركبانا مستقبلي القبلة، وغير مستقبليها، وكل هيئات صلاة الخوف الواردة في الصحيح جائزة، وهيئاتها، وكيفياتها مفصلة في كتب الحديث والفروع، وسنذكر ما ذهب إليه الأئمة الأربعة منها إن شاء الله.
أما مالك بن أنس، فالصورة التي أخذ بها منها هي أن الطائفة الأولى تصلي مع الإمام ركعة في الثنائية، وركعتين في الرباعية والثلاثية، ثم تتم باقي الصلاة، وهو اثنتان في الرباعية، وواحدة في الثنائية والثلاثية، ثم يسلمون ويقفون وجاه العدو، وتأتي