مجاز عقلي عندهم لأنه سببه فيجوز جمعهما.
وقال بعض العلماء: إن قوله: ﴿وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾، في محل جر معطوفا على الضمير، وعليه فتقرير المعنى: ﴿قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ﴾ ويفتيكم فيما يتلى عليكم، وهذا الوجه يضعفه أمران:
الأول: أن الغالب أن الله يفتي بما يتلى في هذا الكتاب، ولا يفتي فيه لظهور أمره.
الثاني: أن العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض ضعفه غير واحد من علماء العربية، وأجازه ابن مالك مستدلا بقراءة حمزة، "والأرحام" بالخفض عطفا على الضمير من قوله: ﴿تَسَاءَلُونَ بِهِ﴾ [٤/١]، وبوروده في الشعر كقوله: [البسيط]

فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا فاذهب فما بك والأيام من عجب
بجر الأيام عطفا على الكاف ونظيره قول الآخر: [الطويل]
نعلق في مثل السواري سيوفنا وما بينها والكعب مهوى نفانف
بجر الكعب معطوفا على الضمير قبله وقول الآخر: [الوافر]
وقد رام آفاق السماء فلم يجد له مصعدا فيها ولا الأرض مقعدا
فقوله: ولا الأرض بالجر معطوفا على الضمير وقول الآخر: [الوافر]
أمر على الكتيبة لست أدري أحتفي كان فيها أم سواها
فسواها في محل جر بالعطف على الضمير.
وأجيب عن الآية بجواز كونها قسما، والله تعالى له أن يقسم بما شاء من خلقه، كما أقسم بمخلوقاته
كلها في قوله تعالى: ﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ، وَمَا لا تُبْصِرُونَ﴾ [٦٩/٣٨، ٣٩]، وعن الأبيات بأنها شذوذ يحفظ، ولا يقاس عليه وصحح ابن القيم جواز العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض، وجعل منه قوله تعالى: ﴿حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [٨/٦٤]، فقال إن قوله: ﴿وَمَنِ﴾ في محل جر عطفا على الضمير المجرور في قوله: ﴿حَسْبُكَ﴾، وتقرير المعنى عليه: {حَسْبُكَ


الصفحة التالية
Icon