قوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ﴾، لم يبين هنا ما هذه البينات ولكنه بينها في مواضع أخر كقوله: ﴿وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ﴾ [٣/٤٩]، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: ﴿وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِِ الْقُدُسِ﴾ هو جبريل على الأصح، ويدل لذلك قوله تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ الآية [٢٦/١٩٣]، وقوله: ﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا﴾ الآية [١٩/١٧].
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ﴾، لم يبين هنا ما هذه البينات وبينها في مواضع أخر كقوله: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ﴾ [٧/١٣٣]، وقوله: ﴿فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ، وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ﴾ الآية [٢٦/٣٣، ٣٢]، وقوله :﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾ الآية [٢٦/٦٣]. إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا﴾ الآية، قال بعض العلماء هو من السمع بمعنى الإجابة ومنه قولهم سمعا وطاعة أي: إجابة، وطاعة ومنه: سمع الله لمن حمده في الصلاة. أي: أجاب دعاء من حمده، ويشهد لهذا المعنى قوله :﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ [٢٤/٥١]، وهذا قول الجمهور وقيل: إن المراد بقوله ﴿وَاسْمَعُوا﴾ أي: بآذنكم ولا تمتنعوا من أصل الاستماع.
ويدل لهذا الوجه: أن بعض الكفار ربما امتنع من أصل الاستماع خوف أن يسمع كلام الأنبياء، كما في قوله تعالى عن نوح مع قومه: ﴿وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً﴾ [٧١/٧].
وقوله عن قوم نبينا صلى الله عليه وسلم: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ [٤١/٢٦]، وقوله: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ


الصفحة التالية
Icon