فقال ابن جرير: إنها المذكورة في قوله تعالى: ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [٩/٣٦]، قاله أبو جعفر الباقر.
ولكن قال ابن جرير: آخر الأشهر الحرم في حقهم المحرم، وحكى نحو قوله هذا علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، وإليه ذهب الضحاك.
ولكن السياق يدل على أن المراد بها أشهر الإمهال المذكورة في قوله: ﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾.
قال ابن كثير، في تفسير هذه الآية: والذي يظهر من حيث السياق، ما ذهب إليه ابن عباس، في رواية العوفي عنه، وبه قال مجاهد، وعمرو بن شعيب، ومحمد بن إسحاق، وقتادة، والسدي، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أن المراد بها، الأشهر الأربعة المنصوص عليها بقوله: ﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾، ثم قال: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ﴾ [٩/٥]، أي: إذا انقضت الأشهر الأربعة التي حرمنا عليكم قتالهم فيها، وأجلناهم فيها، فحيثما وجدتموهم فاقتلوهم لأن عود العهد على مذكور أولى من مقدر، مع أن الأشهر الأربعة المحرمة سيأتي بيان حكمها في آية أخرى. اهـ.
قوله تعالى: ﴿وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ﴾ الآية، ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة: أن كفار مكة هموا بإخراجه ﷺ من مكة، وصرح في مواضع أخر بأنهم أخرجوه بالفعل، كقوله ﴿يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ﴾ الآية[٦٠/١]، وقوله: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ﴾ [٤٧/١٣]، وقوله: ﴿إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الآية [٩/٤٠]، وذكر في مواضع أخر: محاولتهم لإخراجه قبل أن يخرجوه، كقوله: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ﴾ [٨/٣٠]، وقوله: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا﴾ الأية[١٧/٧٦].
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ﴾ الآية، نهى الله تعالى في هذه الآية الكريمة عن موالاة الكفار، ولو كانوا قرباء، وصرح في موضع آخر: بأن الاتصاف بوصف الإيمان مانع من موادة الكفار ولو كانوا قرباء، وهو قوله: ﴿لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ الآية[٥٨/٢٢].
قوله تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ


الصفحة التالية
Icon