﴿كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾ الآية [١٥/١٢]، وقوله: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾ الآية [٧٤/٤٢]؛ ومنه قول الشاعر:
وكنت لزاز خصمك لم أعرد | وقد سلكوك في يوم عصيب |
حتى إذا أسلكوهم في قتائدة | شلا كما تطرد الجمالة الشردا |
عين تأوبها من شجوها أرق | فالماء يغمرها طورا وينحدر |
كأنه نظم در عند ناظمة | تقطع السلك منه فهو منتثر |
قوله تعالى: ﴿وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ﴾ الآية، ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه أمر نوحاً أن يحمل في السفينة أهله إلا من سبق عليه القول، أي سبق عليه من الله القول بأنه شقى، وأنه هالك مع الكافرين. ولم يبين هنا من سبق عليه القول منهم، ولكنه بين بعد هذا أن الذي سبق عليه القول من أهله هو ابنه وامرأته.
قال في ابنه الذي سبق عليه القول: ﴿وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ﴾ [١١/٤٢] إلى قوله ﴿وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾ [١١/٤٣]، وقال فيه أيضاً: ﴿قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾ الآية [١١/٢٦]، وقال في امرأته: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ﴾ إلى قوله ﴿مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾ [٦٦/١٠].
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، ذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة: أن نبيه نوحاً عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أمر أصحابه الذين قيل له احملهم فيها أن يركبوا فيها قائلاً: ﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾ [١١/٤١]، أي: بسم الله يكون جريها على وجه الماء، وبسم الله يكون منتهى سيرها وهو رسوها.
وبين في "سورة الفلاح": أنه أمره إذا استوى على السفينة هو ومن معه أن يحمدوا