غيابة، ومنه قول الشاعر:
وإن أنا يوماً غيبتني غيابتي | فسيروا بسيري في العشيرة والأهل |
واختلف العلماء في جواب ﴿لَمَّا﴾ من قوله ﴿فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ﴾ أمثبت هو أم محذوف؟
فقيل: هو مثبت، وهو قوله: ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ﴾ الآية [١٢/١٧، أي: لما كان كذا وكذا ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا﴾ واستحسن هذا الوجه أبو حيان.
وقيل جواب ﴿لما﴾ هو قوله: ﴿أَوْحَيْنَا﴾ [١٢/١٥] والواو صلة. وهذا مذهب الكوفيين، تزاد عندهم الواو في جواب "لما، وحتى، وإذا"، وعلى ذلك خرجوا قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ﴾ الآية [٣٧/١٠٣، ١٠٤]، وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ الآية[٣٩/٧١]، وقول امرىء القيس:
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى | بنا بطن حقف ذي ركام عقنقل |
وقيل: جواب ﴿لما﴾ محذوف، وهو قول البصريين. واختلف في تقديره؛ فقيل: إن تقديره فعلوا به ما فعلوا من الأذى.
وقدره بعضهم: فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب عظمت فتنتهم.
وقدره بعضهم: فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب جعلوه فيها.
واستظهر هذا الأخير أبو حيان؛ لأن قوله: ﴿وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ﴾ [١٢/١٥]، يدل على هذا المقدر. والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ الآية، ظاهر هذه الآية الكريمة قد يفهم منه أن يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام هم بأن يفعل مع تلك المرأة مثل ما همت هي به منه؛ ولكن القرآن العظيم بين براءته عليه الصلاة والسلام من الوقوع فيما لا ينبغي حيث بين شهادة كل من له تعلق بالمسألة ببراءته، وشهادة الله له بذلك واعتراف إبليس به.
أما الذين لهم تعلق بتلك الواقعة فهم: يوسف، والمرأة، وزوجها، والنسوة،