[٧/١٩١]، وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾ [٢٢/٧٣]، وقوله: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ...﴾ الآية [٥٢/٣٥-٣٦]، وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ﴾ الآية [١٦/٢٠-٢١]، إلى غير ذلك من الآيات.
فهذه الآيات تبين أن الذي يستحق أن يعبد هو من يخلق الخلق، ويبرزهم من العدم إلى الوجود، أما غيره فهو مخلوق مربوب، محتاج إلى من يخلقه، ويدبر شؤونه.
قوله تعالى: ﴿خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ﴾، ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه خلق الإنسان من نطفة، وهي مني الرجل ومني المرأة؛ بدليل قوله تعالى: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ﴾ [٧٦/٢]، أي: أخلاط من ماء الرجل وماء المرأة.
وقال صاحب الدر المنثور بعد ذكر بعض الروايات في تفسير الأمشاج بالأخلاط: من ماء الرجل وماء المرأة. وأخرج الطستي عن ابن عباس: أن نافع بن الأزرق قال: أخبرني عن قوله: ﴿مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ﴾، قال: اختلاط ماء الرجل وماء المرأة إذا وقع في الرحم، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت أبا ذؤيب وهو يقول:

كأن الريش والفوقين منه خلال النصل خالطه مشيج
ونسب في اللسان هذا البيت لزهير بن حرام الهذلي، وأنشده هكذا:
كأن النصل والفوقين منها خلال الريش سيط به مشيج
قال: ورواه المبرد:
كأن المتن والشرجين منه خلاف النصل سيط به مشيج
قال: ورواه أبو عبيدة:
كأن الريش والفوقين منها خلال النصل سيط به المشيج
ومعنى سيط به المشيج: خلط به الخلط.
إذا عرفت معنى ذلك، فاعلم أنه تعالى بين أن ذلك الماء الذي هو النطفة، منه ما هو خارج من الصلب، أي: وهو ماء الرجل، ومنه ما هو خارج من الترائب، وهو: ماء المرأة، وذلك في قوله جل وعلا: {فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ


الصفحة التالية
Icon