[٧/١٨٦]، وقوله: ﴿وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾ [٦/١٢٥]، إلى غير ذلك من الآيات.
وقرأ هذا الحرف نافع، وابن عامر، وابن كثير، وأبو عمر: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ﴾ [١٦/٣٧]، بضم الياء وفتح الدال؛ من ﴿يُهدَى﴾ مبيناً للمفعول. وقوله: ﴿مَنْ﴾، نائب الفاعل. والمعنى: أن من أضله الله لا يهدى، أي لا هادي له.
وقرأه عاصم، وحمزة، والكسائي بفتح الياء وكسر الدال، من ﴿يَهدِي﴾، مبنياً للفاعل. وقوله: ﴿مَنْ﴾، مفعول به ليهدي، والفاعل ضمير عائد إلى الله تعالى. والمعنى: أن من أضله الله لا يهديه الله. وهي على هذه القراءة فيمن سبقت لهم الشقاوة في علم الله؛ لأن غيرهم قد يكون ضالاً ثم يهديه الله كما هو معروف.
وقال بعض العلماء: لا يهدي من يضل ما دام في إضلاله له؛ فإن رفع الله عنه الضلالة وهداه فلا مانع من هداه، والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً﴾، ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكفار حلفوا جهد أيمانهم ـ أي: اجتهدوا في الحلف ـ وغلظوا الأيمان على أن الله لا يبعث من يموت، وكذبهم الله جل وعلا في ذلك بقوله: ﴿بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً﴾ [١٦/٣٨]، وكرر في آيات كثيرة هذا المعنى المذكور هنا من إنكارهم للبعث وتكذيبه لهم في ذلك، كقوله: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنََّ...﴾ الآية [٦٤/٧]، وقوله: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [٢١/١٠٤]، وقوله: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ [٣٦/٧٨، ٧٩]، وقوله: ﴿فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [١٧/١٥]، والآيات بمثل هذا كثيرة جداً.
وقوله: ﴿بَلَى﴾ [١٦/٣٨]، نفي لنفيهم البعث كما قدمنا، وقوله: ﴿وَعْداً﴾ [١٦/٣٨]، مصدر مؤكد لما دلت عليه ﴿بَلَى﴾ ؛ لأن ﴿بَلَى﴾ تدل على نفي قولهم: لا يبعث الله من يموت، ونفي هذا النفي إثبات، معناه: لتبعثن. وهذا البعث المدلول على إثباته بلفظة: ﴿بَلَى﴾، فيه معنى وعد الله بأنه سيكون. فقوله: ﴿وَعْداً﴾ [١٦/٣٨]، مؤكد له. وقوله: ﴿حَقّاً﴾ مصدر أيضاً، أي: وعد الله بذلك وعداً، وحقه حقاً، وهو


الصفحة التالية
Icon