العرب تطلق اسم السكر على ما يحصل به السكر، من إطلاق المصدر وإرادة الاسم. والعرب تقول: سكر –بالكسر – ﴿سَكَراً﴾ [١٦/٦٧]، "بفتحتين" وسكراً "بضم فسكون".
وقال الزمخشري في الكشاف: والسكر: الخمر؛ سميت بالمصدر من سكر سكراً وسكراً، نحو رشد رشداً ورشداً. قال:
وجاءونا بهم سكر علينا | فأجلى اليوم والسكران صاحي ـ اهـ |
بئس الصحاة وبئس الشرب شربهم | إذا جرى فيهم المزاء والسكر |
وإذا عرفت أن الصحيح هو مذهب الجمهور، وأن الله امتن على هذه الأمة بالخمر قبل تحريمها، فاعلم أن هذه الآية مكية، نزلت بعدها آيات مدنية بينت تحريم الخمر، وهي ثلاث آيات نزلت بعد هذه الآية الدالة على إباحة الخمر.
الأولى: آية البقرة التي ذكر فيها بعض معائبها ومفاسدها، ولم يجزم فيها بالتحريم، وهي قوله تعالى: ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ [٢/٢١٩]، وبعد نزولها تركها قوم للإثم الذي فيها، وشربها آخرون للمنافع التي فيها.
الثانية: آية النساء الدالة على تحريمها في أوقات الصلوات، دون الأوقات التي يصحو فيها الشارب قبل وقت الصلاة، كما بين صلاة العشاء وصلاة الصبح، وما بين صلاة الصبح وصلاة الظهر، وهي قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى...﴾ الآية [٤/٤٣].
الثالثة: آية المائدة الدالة على تحريمها تحريماً باتاً، وهي قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ إلى قوله ـ ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [٥/٩٠-٩١].