اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ...} الآية [٦/١٥٢]، وقوله في "الإسراء": ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً﴾ [١٧/٣٤]، وقد قدمنا هذا "في الأنعام".
وبين في مواضع أخر: أن من نقض العهد إنما يضر بذلك نفسه، وأن من أوفى به يؤتيه الله الأجر العظيم على ذلك؛ وذلك في قوله: ﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً﴾ [٤٨/١٠]، وبين في مواضع آخر: أن نقض الميثاق يستوجب اللعن؛ وذلك في قوله: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ...﴾ الآية [٥/١٣].
قوله تعالى: ﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ﴾، بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن ما عنده من نعيم الجنة باق لا يفنى، وأوضح هذا المعنى في مواضع أُخر؛ كقوله: ﴿عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [١١/١٠٨]، وقوله: ﴿إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ﴾ [٣٨/٥٤]، وقوله: ﴿وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً﴾ [١٨/٢-٣]، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، أقسم جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه سيجزي الذين صبروا أجرهم ـ أي: جزاء عملهم ـ بأحسن ما كانوا يعلمون.
وبين في مواضع آخر: أنه جزاء بلا حساب؛ كما في قوله: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [٣٩/١٠].
تنبيه
استنبط بعض العلماء من هذه الآية الكريمة: أن فعل المباح حسن؛ لأن قوله في هذه الآية: ﴿بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ [١٦/٩٦]، صيغة تفضيل تدل على المشاركة، والواجب أحسن من المندوب، والمندوب أحسن من المباح؛ فيجازون بالأحسن الذي هو الواجب والمندوب، دون مشاركهما في الحسن وهو المباح؛ وعليه درج في مراقي السعود في قوله:

ما ربنا لم ينه عنه حسن وغيره القبيح والمستهجن
إلا أن الحسن ينقسم إلى حسن وأحسن؛ ومن ذلك قوله تعالى لموسى: {فَخُذْهَا


الصفحة التالية
Icon