مِنْ رَبِّكَ} الآية [٢٨/٨٦]، وقوله: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾ [٣٥/٣٢].
وهو تصريح منه جل وعلا بأن إيراث هذا الكتاب فضل كبير والآيات بمثل هذا كثيرة جداً.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا﴾ [١/١٨]، أي: لم يجعل في القرآن عوجاً. أي لا اعوجاج فيه ألبتة، لا من جهة الألفاظ، ولا من جهة المعاني. أخباره كلها صدق، وأحكامه عدل، سالم من جميع العيوب في ألفاظه ومعانيه، وأخباره وأحكامه. لأن قوله: «عوجا» نكرة في سياق النفي. فهي تعم نفي جميع أنواع العواج.
وما ذكره جل وعلا هنا من أنه لا اعوجاج فيه ـ بينه في مواضع أخر كثيرة كقوله: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [٣٩/٢٧-٢٨]، وقوله: ﴿تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [٦/١١٥]. فقوله: «صدقاً» أي في الأخبار، وقوله: «عدلاً» أي في الأحكام وكقوله تعالى: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً﴾ [٤/٨٢]، والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً.
وقوله: في هذه الآية الكريمة: ﴿قَيِّماً﴾، أي: مستقيماً لا ميل فيه ولا زيغ. وما ذكره هنا من كونه ﴿قَيِّماً﴾، لا ميل فيه ولا زيغ ـ بينه أيضاً في مواضع أخر، كقوله ::﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ [٩٨/١]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يِهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ...﴾ الآية[١٧/٩]، وقوله: ﴿وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [١٠/٣٧]، وقوله: ﴿الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾ [٢/١-٢]، وقوله: ﴿الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ٍ﴾ [١١/١]، وقوله: ﴿وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾ [٤٢/٥٢]، إلى غير ذلك من الآيات.