لربنا وحصول العلم لهم باتخاذه الولد ـ كل ذلك مستحيل عقلاً.
فنفيه لا يدل على إمكانه. ومن هذا القبيل قول المنطقيين: السالبة لا تقتضى وجود الموضوع، كما بيناه في غير هذا الموضع.
وما نفاه عنهم وعن آبائهم من العلم باتخاذه الولد سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً ـ بينه في مواضع أخر، كقوله: ﴿وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [٦/١٠٠]، وقوله في آبائهم: ﴿وَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ﴾ [٥/١٠٤] إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله: في هذه الآية الكريمة: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾ [١٨/٥] يعني أن ما قالوه بأفواههم من أن الله اتخذ ولداً أمر كبير عظيم. كما بينا الآيات الدالة على عظمه آنفاً. كقوله: ﴿إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا﴾ [١٧/٤٠]، وقوله: ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاًً﴾ [١٩/٩٠]. وكفى بهذا كبراً وعظماً.
وقال بعض علماء العربية: إن قوله: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً﴾ معناه التعجب. فهو بمعنى ما أكبرها كلمة. أو أكبر بها كلمة.
والمقرر في علم النحو: أن «فعل» بالضم تصاغ لإنشاء الذم والمدح، فتكون من باب نعم وبئس، ومنه قوله تعالى: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً﴾ الآية. وإلى هذا أشار في الخلاصة بقوله:
واجعل كبئس ساء واجعل فعلا | من ذي ثلاثة كنعم مسجلا |
مميز كنعم قوماً معشره
والمخصوص بالذم محذوف، والتقدير: كبرت هي كلمة خارجة من أفواههم تلك المقالة التي فاهوا بها، وهي قولهم:: اتخذ الله ولداً، وأعرب بعضهم ﴿كَلِمَةَ﴾ بأنها حال، أي كبرت فريتهم في حال كونها كلمة خارجة من أفواههم. وليس بشيء.