[١٦/١٢٧]وقوله: ﴿فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [٥/٦٨] إلى غير ذلك من الآيات وخير ما يفسر به القرآن القرآن.
والباخع: المهلك: أي مهلك نفسك من شدة الأسف على عدم إيمانهم ومنه قول ذي الرمة:

ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه لشيء نحته عن يديه المقادر
كما تقدم.
وقوله: ﴿عَلَى آثَارِهِمْ﴾ ـ قال القرطبي: آثارهم جمع أثر. ويقال إثر. والمعنى: على أثر توليهم وإعراضهم عنك.
وقال أبو حيان في البحر: ومعنى ﴿عَلَى آثَارِهِمْ﴾ من بعدهم، أي بعد يأسك من إيمانهم. أو بعد موتهم على الكفر. يقال: مات فلان على أثر فلان. أي بعده.
وقال الزمخشري: شبهه وإباهم حين تولوا عنه ولم يؤمنوا به، وما داخله من الوجد والأسف على توليهم برجل فارقته أحبته وأعزته فهو يتساقط حسرات على آثارهم ويبخع نفسه وجداً عليهم، وتلهفاً على فراقهم والأسف هنا: شدة الحزن. وقد يطلق الأسف على الغضب كقوله: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ [٤٣/٥٥].
فإذا حققت معنى هذه الآية الكريمة ـ فاعلم أن ما ذكره فيها جل وعلا من شدة حزن نبيه ﷺ عليهم، وعن نهيه له عن ذلك مبين في آيات أخر كثيرة، كقوله: ﴿فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ [٣٥/٨]، وكقوله: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [١٥/٨٨]، وكقوله: ﴿وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [١٥/٨٨]، وكقوله: ﴿فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [٥/٦٨]، وكقوله: ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِى يَقُولُونَ﴾ [٦/٣٣]، وكقوله: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ﴾ [١٥/٩٧] كما قدمناه موضحاً.
وقوله: في هذه الآية الكريمة ﴿أَسَفاً﴾ مفعول من أجله، أي مهلك نفسك من أجل الأسف. ويجوز إعرابه حالاً. أي في حال كونك آسفاً عليهم. على حد قوله: في الخلاصة:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
ومصدر منكر حالاً يقع بكثرة كبغتة زيد طلع