هنا، أو لا تصاغ منه. ثلاثة مذاهب لعلماء النحو:
الأول: جواز بنائها من أفعل مطلقاً، وهو ظاهر كلام سيبويه، وهو مذهب أبي إسحاق كما نقله عنه أبو حيان في البحر.
والثاني: لا يبنى منه مطلقاً، وما سمع منه فهو شاذ يحفظ ولا يقاس عليه. وهو الذي درج عليه ابن مالك في الخلاصة بقوله:

وبالندور احكم لغير ما ذكر ولا تقس على الذي منه أثر
كما قدمناه في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله: ﴿فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً﴾ [٧/٧٢].
الثالث: تصاغ من أفعل إذا كانت همزتها لغير النقل خاصة. كأظلم الليل، وأشكل الأمر. لا إن كانت الهمزة للنقل فلا تصاغ منها، وهذا هو اختيار أبي الحسن بن عصفور. وهذه المذاهب مذكورة بأدلتها في كتب النحو وأما قول الزمخشري: فأفعل لا يعمل فليس بصحيح. لأن صيغة التفضيل تمل في التمييز بلا خلاف، وعليه درج في الخلاصة بقوله:
والفاعل المعنى انصبن بأفعلا مفضلاً كأنت أعلى منزلا
و ﴿أَمَدًا﴾ تمييز كما تقدم. فنصبه بصيغة التفضيل لا إشكال فيه. وذهب الطبري إلى أن: ﴿أَمَدًا﴾ منصوب بـ ﴿لَبِثُواْ﴾ وقال ابن عطية: إن ذلك غير متجه.
وقال أبو حيان: قد يتجه ذلك. لأن الأمد هو الغاية، ويكون عبارة عن المدة من حيث إن المدة غاية. و ﴿مَا﴾ بمعنى الذي، و ﴿أَمَدًا﴾ منتصب على إسقاط الحرف. أي لما لبثوا من أمد، أي مدة. ويصير من أمد تفسيراً لما انبهم في لفظ ﴿مَا لَبِثُواْ﴾ كقوله: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ﴾ [٢/١٠٦]، ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ﴾ [٣٥/٢] ولما سقط الحرف وصل إليه الفعل.
قال مقيده عفا الله عنه: إطلاق الأمد على الغاية معروف في كلام العرب ومنه قول نابغة ذبيان:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
إلا لمثلك أو من أنت سابقه سبق الجواد إذا استولى على الأمد