قال الشوكاني رحمه الله في تفسيره: ويؤيد القول الأول قوله تعالى: ﴿ذلِكَ مِنْ ءَايَاتِ اللَّهِ﴾، فإن صرف الشمس عنهم مع توجه الفجوة إلى مكان تصل إليه عادة أنسب، بمعنى كونها آية. ويؤيده أيضاً إطلاق الفجوة وعدم تقييدها بكونها إلى جهة كذا. ومما يدل على أن الفجوة المكان الواسع قول الشاعر:
ألبست قومك مخزاة ومنقصة | حتى أبيحوا وحلوا فجوة الدار |
ومعلوم أن الفجوة: هي المتسع. وهو معروف في كلام العرب ومنه البيت المذكور، وقول الآخر:
ونحن ملأنا كل واد وفجوة | رجالاً وخيلاً غير ميل ولا عزل |
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت﴾ أي ترى أيها المخاطب الشمس عند طلوعها تميل على كهفهم. والمعنى: أنك لو رأيتهم لرأيتهم كذلك. لا أن المخاطب رآهم بالفعل، كما يدل لهذا المعنى قوله تعالى: ﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوْلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا﴾ الآية [١٨/١٨] والخطاب بمثل هذا مشهور في لغة العرب التي نزل بها هذا القرآن العظيم. وأصل مادة التزاور: الميل، فمعنى تزاور: تميل. والزور: الميل، ومنه شهادة الزور، لأنها ميل عن الحق. ومنه الزيادة، لأن الزائر يميل إلى المزور. ومن هذا المعنى قول عنترة في معلقته:
فازور من وقع القنا بلبانه | وشكا إلي بعبرة وتحمحم |
وخفض عني الصوت أقبلت مشية الـ | حباب وشخصي خشية الحي زور |
وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ﴾ من القرض بمعنى القطيعة والصرم. أي: