وكافرون، وأنهم يريدون الشراء من طعام المؤمنين دون الكافرين. وأن ذلك هو مرادهم بالزكاة في قوله: ﴿أَزْكَى طَعَامًا﴾ وقيل: كان فيها أهل كتاب ومجوس. والعلم عند الله تعالى.
والورق في قوله تعالى: ﴿فَابْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ﴾ [١٨/١٩] الفضة، وأخذ علماء المالكية وغيرهم من هذه الآية الكريمة مسائل من مسائل الفقة:
المسألة الأولى ـ جواز الوكالة وصحتها، لأن قولهم: ﴿فَابْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ...﴾ الآية يدل على توكيلهم لهذا المبعوث لشراء الطعام. وقال بعض العلماء: لا تدل الآية على جواز التوكيل مطلقاً بل مع التقية والخوف، لأنهم لو خرجوا كلهم لشراء حاجتهم لعلم بهم أعداؤهم في ظنهم فهم معذورون، فالآية تدل على توكيل المعذور دون غيره. وإلى هذا ذهب أبو حنيفة. وهو قول سحنون من أصحاب مالك في التوكيل على الخصام.
قال ابن العربي: وكان سحنون تلقه من أسد بن الفرات، فحكم به أيام قضائه. ولعله كان يفعل ذلك لأهل الظلم والجبروت إنصافاً منهم وإذلالاً لهم. وهو الحق، فإن الوكالة معونة ولا تكون لأهل الباطل ا هـ.
وقال القرطبي: كلام ابن العربي هذا حسن. فأما أهل الدين والفضل فلهم أن يوكلوا وإن كانوا حاضرين أصحاء. والدليل على صحة جواز الوكالة للشاهد الصحيح ـ ما أخرجه الصحيحان وغيرهما عن أبي هريرة قال: كان لرجل على النَّبي ﷺ من الإبل، فجاء يتقاضاه فقال: "أعطوه" فطلبوا سنه فلم يجدوا إلا سناً فوقها. فقال "أعطوه" فقال: أوفيتني أوفي الله لك. وقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: "إن خيركم أحسنكم قضاء" لفظ البخاري.
فدل هذا الحديث مع صحته على جواز توكيل الحاضر الصحيح البدن، فإن النَّبي صلى الله عليه وسلم: أمر أصحابه أن يعطوا عنه السن التي عليه وذلك توكيل منه لهم على ذلك، ولم يكن النَّبي ﷺ مريضاً ولا مسافراً. وهذا يرد قول أبي حنيفة وسحنون في قولهم: ا: إنه لا يجوز توكيل الحاضر الصحيح إلا برضا خصمه وهذا الحديث خلاف قولهم: ا ا هـ كلام القرطبي. ولا يخفى ما فيه، لأن أبا حنيفة وسحنوناً إنما خالفا في الوكالة على المخاصمة بغير إذن لخصم فقط، ولم يخالفا في الوكالة في دفع الحق.