أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} ـ إلى قوله: ـ ﴿لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً﴾ [٢٤/٣٩].
وقوله: ﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ﴾ قرأه ابن عامر وابن كثير وأبو عمرو تسير الجبال بالتاء المثناة الفوقية وفتح الياء المشددة من قوله: تسير مبيناً للمفعول. و ﴿الْجِبَالُ﴾ بالرفع نائب فاعل تسير والفاعل المحذوف ضمير يعود إلى الله جل وعلا. وقرأه باقي السبعة نسير بالنون وكسر الياء المشددة مبنياً للفاعل، و ﴿الجبال﴾ منصوب مفعول به، والنون في قوله: نسير التعظيم.
وقوله: في هذه الآية الكريمة: ﴿وَتَرَى الارْضَ بَارِزَةً﴾ البروز: الظهور. أي ترى الأرض ظاهرة منكشفة لذهاب الجبال والظراب والآكام، والشجر والعمارات التي كانت عليها. وهذا المعنى الذي ذكره هنا ـ بينه أيضاً في غير هذا الموضع. كقوله تعالى: ﴿وَيَسْألُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّى نَسْفاًفَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً﴾ [٢٠/١٠٥-١٠٦]. وأقوال العلماء في معنى ذلك راجعة إلى شيء واحد، وهو أنها أرض مستوية لا نبات فيها، ولا بناء ولا ارتفاع ولا انحدار. وقول من قال: إن معنى ﴿وَتَرَى الاٌّرْضَ بَارِزَةً﴾ أي بارزاً ما كان في بطنها من الأموات والكنوز ـ بعيد جداً كما ترى. وبروز ما في بطنها من الأموات والكنوز دلت عليه آيات أخر. كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ﴾ [٨٤/٣-٤]، وقوله تعالى: ﴿أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِى الْقُبُورِوَحُصِّلَ مَا فِى الصُّدُورِ﴾ [١٠٠-٩]، وقوله: ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ [٩٩/٢]، وقوله: ﴿وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ﴾ [٨٢/٤].
وقوله: في هذه الآية الكريمة: ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ﴾ أي جمعناهم للحساب والجزاء. وهذا الجمع المعير عنه بالحشر هنا ـ جاء مذكوراً في آيات أخر، كقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ﴾ [٥٦/٤٩-٥٠]، وقوله تعالى: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ...﴾ الآية [٤/٨٧]، وقوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ [٦٤/٩]، وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾ [١١/١٠٣]. وقوله: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً...﴾ الآية[٦/٢٢]، إلى غير ذلك من الآيات.
وبين في مواضع آخر: أن هذا الحشر المذكور شامل للعقلاء وغيرهم من أجناس المخلوقات، وهو قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ


الصفحة التالية
Icon