قال: ضجوا من الصغائر قبل الكبائر. وجملة ﴿لا يغادر﴾ حال من ﴿الكتاب﴾.
تنبيه
هذه الآية الكريمة يفهم منها أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، لأنهم وجدوا في كتاب أعمالهم صغائر ذنوبهم محصاة عليهم، فلو كانوا غير مخاطبين بها لما سجلت عليهم في كتاب أعمالهم. والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: ﴿وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا﴾، ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة ـ أنهم في يوم القيامة يجدون أعمالهم التي عملوها في الدنيا حاضرة محصاة عليهم. وأوضح هذا أيضاً في غير هذا الموضع؛ كقوله: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً﴾ [٣/٣٠]، وقوله تعالى: ﴿هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ...﴾ الآية[١٠/٣٠]، وقوله: ﴿يُنَبَّأُ الْأِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [٧٥/١٣]، وقوله: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ [٨٦/٩] إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: ﴿وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة ـ أنه لا يظلم أحداً، فلا ينقص من حسنات محسن، ولا يزيد من سيئات مسيء، ولا يعاقب على غير ذنب.
وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر، كقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [١٠/٤٤]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً﴾ [٤/٤٠]، وقوله تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [٢١/٤٧]، وقوله: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّلامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾ [٤١/٤٦] وقوله: ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [١٦/٣٣]، وقوله: ﴿َمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [١٦/١١٨]، والآيات بمثل ذلك كثيرة.
قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾. قدمنا في سورة البقرة أن قوله تعالى: ﴿اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾ [٢/٣٤] محتمل لأن يكون أمرهم بذلك قبل وجود آدم أمراً معلقاً على وجوده. ومحتمل لأنه أمرهم بذلك تنجيزاً بعد وجود آدم. وأنه جل وعلا بين في سورة الحجر وسورة ص أن أصل


الصفحة التالية
Icon