بالقطع عن السرقة؛ قال البخاري في صحيحه: باب الحدود كفَّارة، حدثنا محمد بن يوسف حدثنا ابن عيينة عن الزُّهري، عن أبي إدريس الخولاني، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: كنا عند النَّبي ﷺ في مجلس، فقال: "بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، وقرأ هذه الآية كلها، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به فهو كفَّارته، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله عليه. إن شاء غفر له، وإن شاء عذَّبه". اهـ هذا لفظ البخاري في صحيحه. وقوله ﷺ في الحديث الصحيح "فهو كفارته" نص صريح في أن الحدود تطهر المرتكبين لها من الذنب.
والتحقيق في ذلك ما حققه بعض العلماء: من أن حقوق الله يطهر منها بإقامة الحد. وحق المخلوق يبقى. فارتكاب جريمة السرقة مثلاً يطهر منه بالحد، والمؤاخذة بالمال تبقى، لأن السرقة علة موجبة حكمين: وهما القطع، والغرم. قال في مراقي السعود:

وذاك في الحكم الكثير أطلقه كالقطع مع غرم نصاب السرقه
مع أن جماعة من أهل العلم قالوا: لا يلزمه الغرم مع القطع. لظاهر الآية الكريمة: فإنها نصَّت على القطع ولم تذكر غرماً.
وقال جماعة: يغرم المسروق مطلقاً، فات أو لم يفت، معسراً كان أو موسراً. ويتبع به ديناً إن كان معسراً.
وقال جماعة: يرد المسروق إن كان قائماً. وإن لم يكن قائماً رد قيمته إن كان موسراً، فإن كان معسراً فلا شيء عليه ولا يتبع به ديناً.
والأول مذهب أبي حنيفة. والثاني مذهب الشافعي وأحمد. والثالث مذهب مالك. وقطع السارق كان معروفاً في الجاهلية فأقره الإسلام. وعقد ابن الكلبي باباً لمن قطع في الجاهلية بسبب السرقة، فذكر قصة الذين سرقوا غزال الكعبة فقطعوا في عهد عبد المطلب. وذكر ممن قطع في السرقة عوف بن عبد بن عمرو بن مخزوم، ومقيس بن قيس بن عدي بن سهم وغيرهما، وأن عوفاً السابق لذلك ـ انتهى.
وكان من هدايا الكعبة صورة غزالين من ذهب، أهدتهما الفرس لبيت الله الحرام، كما عقده البدوي الشنقيطي في نظم عمود النسب بقوله:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
ومن خباياه غزالاً ذهب أهدتهما الفرس لبيت العرب