ثم علقةً مثل ذلك ثم يكون مضغةً مثل ذلك ثم يبعث الله ملكاً فيؤمر بأَربعٍ: برزقه وأجله وشقي أو سعيد" الحديث، وهذه الرواية في البخاري ينقص منها ذكر العمل، وهو مذكور في روايات أُخر صحيحة معروفة. وقد قدمنا وجه الدلالة المقصودة من الحديث المذكور والله أعلم.
وفي هذه الآية الكريمة سؤال معروف: وهو أن يقال: ما وجه الإفراد في قوله ﴿ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً﴾ مع أن المعنى نخرجكم أطفالاً. وللعلماء عن هذا السؤال أجوبة.
منها ما ذكره ابن جرير الطبري قال: ووحد الطفل وهو صفة للجمع، لأنه مصدر مثل عدل وزور وتبعه غيره في ذلك.
ومنها قول من قال ﴿ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً﴾ أي نخرج كل واحد منكم طفلاً، ولا يخفى عدم اتجاه هذين الجوابين. قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي من استقراء اللغة العربية التي نزل بها القرآن، هو أن من أساليبها أن المفرد إذا كان اسم جنس يكثر إطلاقه مراداً به الجمع مع تنكيره كما في هذه الآية، وتعريفه بالألف واللام، وبالإضافة فمن أمثلته في القرآن مع التنكير قوله تعالى ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ﴾ أي وأنهار بدليل قوله تعالى: ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾ وقوله ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾ أي أئمة وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً﴾ أي أنفساً وقوله تعالى: ﴿مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ﴾ أي سامرين وقوله تعالى: ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ أي بينهم وقوله تعالى: ﴿وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً﴾ أي رفقاء وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا﴾ أي جنبين أو أجناباً وقوله تعالى: ﴿وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ أي مظاهرون ومن أمثلة ذلك مع التنكير في كلام العرب قول عقيل بن علفة المري:

وكان بنو فزارة شرَّ عم وكنتُ لهم كشر بني الأَخينا
يعني شر أَعمام: وقول قعنب ابن أم صاحب:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
ما بال قوم صديق ثم ليس لهم دين وليس لهم عقل إذا ائتمنوا