أو حاجة ظاهرة أو سلطان جائر فليمت أَي الميتتين شاء. إما يهودياً أو نصرانياً" رواه ابن عدي، من طريق عبد الرحمن الغطفاني، عن أبي المهزم، وهما متروكان عن أبي هريرة، وله طريق صحيحة إلا أنها موقوفة رواها سعيد بن منصور والبيهقي، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار فتنظر كل من كانت له جدة ولم يحج فيضربوا عليه الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين" لفظ سعيد، ولفظ البيهقي أن عمر قال: ليمت يهودياً أو نصرانياً يقولها ثلاث مرات: رجل مات ولم يحج وجد لذلك سعة، وخليت سبيله.
قلت: وإذا انضم هذا الموقوف إلى مرسل ابن سابط، علم أن لهذا الحديث أصلاً، ومحمله على من استحل الترك، وتبين بذلك خطأ من ادعى أنه موضوع والله أَعلم ا هـ من التلخيص الحبير بلفظه. وقول ابن حجر ومحمله على من استحل الترك هو قول من قال من المفسرين: إن الكفر في قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ يحمل على مستحل الترك، ولا دليل عليه، ووجه الدلالة من الأحاديث المذكورة على ما فيها من المقال أَنها تصرح أنه لا يمنعه من الإثم إلا مانع يمنعه من المبادرة إلى الحج، كالمرض، أو الحاجة الظاهرة، أو السلطان الجائر. فلو كان تراخيه لغير العذر المذكور لكان قد مات، وهو آثم بالتأخير. فدل على أن وجوب الحج على الفور، وأنه لا يجوز التراخي فيه إلا لعذر، وقال الشوكاني في نيل الأوطار، بعد أَن ساق الطرق التي ذكرناها عن صاحب التلخيص، وهذه الطرق يقوي بعضها بعضاً؟ وبذلك تتبين مجازفة ابن الجوزي في عده لهذا الحديث من الموضوعات، فإن مجموع تلك الطرق لايقصر عن كون الحديث حسناً لغيره، وهو محتج به عند الجمهور، ولا يقدح في ذلك. قول العقيلي والدارقطني، لا يصح في الباب شيء، لأن نفي الصحة لا يستلزم نفي الحسن ا هـ محل الغرض منه.
ومن أدلتهم أيضاً على أن وجوب الحج على الفور ما قدمناه في سورة البقرة، من حديث الحجاج بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل" قال عكرمة: سألت ابن عباس، وأبا هريرة عن ذلك؟ يعني: حديث الحجاج بن عمر والمذكور فقالا: صدق. وقد قدمنا أن هذا الحديث ثابت من رواية الحجاج بن عمرو الأنصاري. وابن عباس وأبي هريرة، وقد قدمنا أنه رواه الإمام أحمد، وأصحاب السنن، وابن خزيمة والحاكم، والبيهقي، وقد


الصفحة التالية
Icon