لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: ٤٤]، وهو جل وعلا عالم بما سبق في الأزل من أنه لا يتذكر ولا يخشى.
معناه: فقولا له قولا لينا رجاء منكما بحسب عدم علمكما بالغيب أن يتذكر أو يخشى.
والثاني : هو ما قاله بعض أهل العلم بالتفسير من أن كل لعل في القرءان للتعليل، إلا التي في سورة "الشعراء"، وهي في قوله تعالى: ﴿وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ﴾ [الشعراء: ١٢٩]، قالوا: فهي بمعنى كأنكم، وقد قدمنا أن إطلاق لعل للتعليل معلوم في العربية، ومنه قول الشاعر:
فقلتم لنا كفوا الحروب لعلنا... نكف ووثقتم لنا كل موثق
أي: كفوا الحروب، لأجل أن نكف؛ كما تقدم.
وعلى هذا القول، فالمعنى: وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون، لأجل أن تفلحوا، أي: تنالوا الفلاح، والفلاح في اللغة العربية: يطلق على معنيين:
الأول : الفوز بالمطلوب الأعظم، ومن هذا المعنى قول لبيد:
فاعقلي إن كنت لما تعقلي... ولقد أفلح من كان عقل
أي: فاز بالمطلوب الأعظم من رزقه الله العقل.
المعنى الثاني: هو البقاء الدائم في النعيم والسرور، ومنه قول الأضبط بن قريع، وقيل: كعب بن زهير:
لكل هم من الهموم سعه... والمسى والصبح لا فلاح معه
يعني: أنه لا بقاء لأحد في الدنيا مع تعاقب المساء والصباح عليه. وقول لبيد بن ربيعة أيضا:
لو أن حيا مدرك الفلاح... لناله ملاعب الرماح
يعني: لو كان أحد يدرك البقاء، ولا يموت لناله ملاعب الرماح، وهو عمه عامر بن


الصفحة التالية
Icon