الفرع السادس عشر : اعلم أن أكثر أهل العلم على أن الإطعام لا يجب فيه التتابع؛ لأن اللَّه تعالى أطلقه عن قيد التتابع، ولأن أكثر أهل الأصول، على أن المطلق لا يحمل على المقيد إن اتّحد سببهما، واختلف حكمهما؛ كما في هذه المسألة. ولا سيّما على القول الأصحّ في حمل المطلق على المقيّد أنه من قبيل القياس، لامتناع قياس فرع على أصل مع اختلافهما في الحكم، كما هو معروف في محلّه.
الفرع السابع عشر : اعلم أن أهل العلم اختلفوا فيما إذا جامع المظاهر زوجته التي ظاهر منها في أثناء الإطعام، هل يلزمه إعادة ما مضى من الإطعام، لبطلانه بالجماع قبل إتمام الإطعام، أو لا يلزمه ذلك؟ فقال بعض أهل العلم: لا يلزمه ذلك؛ لأن جماعه في أثناء ما لا يشترط فيه التتابع، فلم يوجب الاستئناف، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد. وأمّا مذهب مالك: فهو أنه يستأنف الإطعام لأنه جامع في أثنار كفّارة الظهار، فوجب الاستئناف كالصيام، والأوّل أظهر؛ لأن الواقع من الإطعام قبل جماعه يحتاج بطلانه وإلغاؤه إلى دليل يجب الرجوع إليه وليس موجودًا، والعلم عند اللَّه تعالى.
الفرع الثامن عشر : إذا قالت المرأة لزوجها: أنت عليَّ كظهر أبي، وقالت: إن تزوجت فلانًا فهو عليّ كظهر أبي، فهل يكون ذلك ظهارًا منها، أو لا؟ فقال أكثر أهل العلم: لا يكون ظهارًا، وهو قول الأئمّة الأربعة وأصحابهم، وإسحاق، وأبو ثور وغيرهم. وقال بعض أهل العلم: تكون مظاهرة، وبه قال الزهري، والأوزاعي. وروي عن الحسن والنخعي، إلاّ أن النخعي قال: إذا قالت ذلك بعدما تزوّج، فليس بشيء"، اهـ. والتحقيق أن المرأة لا تكون مظاهرة؛ لأن اللَّه جلَّ وعلا لم يجعل لها شيئًا من الأسباب المؤدّية لتحريم زوجها عليها، كما لا يخفى.
تنبيه
اعلم أن الجمهور القائلين: إن المرأة لا تكون مظاهرة، اختلفوا فيما يلزمها إذا قالت ذلك، إلى ثلاثة مذاهب:
الأوّل : أن عليها كفارة ظهار، وإن كانت غير مظاهرة.
والثاني : أن عليها كفارة يمين.
والثالث : لا شىء عليها.


الصفحة التالية
Icon