إن أزواجه ﷺ لا يدخلن في أهل بيته، في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾، فإن قرينة السياق صريحة في دخولهن؛ لأن اللَّه تعالى قال: ﴿قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ﴾، ثم قال في نفس خطابه لهن: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾، ثم قال بعده: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ﴾.
وقد أجمع جمهور علماء الأصول على أن صورة سبب النزول قطعية الدخول، فلا يصح إخراجها بمخصص، وروي عن مالك أنها ظنيّة الدخول، وإليه أشار في "مراقي السعود"، بقوله:

واجزم بإدخال ذوات السبب واروِ عن الإمام ظنًّا تصب
فالحق أنهن داخلات في الآية، اهـ. من ترجمة هذا الكتاب المبارك.
والتحقيق إن شاء اللَّه: أنهن داخلات في الآية، وإن كانت الآية تتناول غيرهن من أهل البيت.
أمّا الدليل على دخولهن في الآية، فهو ما ذكرناه آنفًا من أن سياق الآية صريح في أنها نازلة فيهنّ.
والتحقيق: أن صورة سبب النزول قطعية الدخول؛ كما هو مقرّر في الأصول.
ونظير ذلك من دخول الزوجات في اسم أهل البيت، قوله تعالى في زوجة إبراهيم: ﴿قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾.
وأمّا الدليل على دخول غيرهن في الآية، فهو أحاديث جاءت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، أنّه قال في عليّ وفاطمة والحسن والحسين رضي اللَّه عنهم: "إنهم أهل البيت"، ودعا لهم اللَّه أن يذهب عنهم الرجس ويطهّرهم تطهيرًا. وقد روى ذلك جماعة من الصحابة عن النبيّ ﷺ منهم أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها، وأبو سعيد، وأنس، وواثلة بن الأسقع، وأُمّ المؤمنين عائشة، وغيرهم رضي اللَّه عنهم.
وبما ذكرنا من دلالة القرءان والسنة، تعلم أن الصواب شمول الآية الكريمة لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولعليّ وفاطمة والحسن والحسين، رضي اللَّه عنهم كلّهم.


الصفحة التالية
Icon